قوله: (الَّتِي تَدْعُوْنَهَا الأُوْلَى) وتأنيث الضَّمير إما باعتبار الهاجرة، وإمَّا باعتبار الصَّلاة، ويروى: (يُصَلِّي الهَجِيْرَةَ) وإنما قيل لها: الأولى؛ لأنَّها أوَّل صلاة صلِّيت عند إمامة جبريل عليه السَّلام حين بيَّن له الصَّلاة الخمس، وقال البَيْضاوي: لأنَّها أوَّل صلاة النَّهار.
قوله: (حِيْنَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ) أي حين تزول عن وسط السَّماء إلى جهة المغرب، من الدحض، وهو الزلق، ومقتضى ذلك: إنَّه كان يُصلِّي الظهر في أوَّل وقتها، ولكن لا يعارض حديث الإبراد؛ لما ذكرنا وجه ذلك مستقصىً.
قال شيخنا: وفي رواية لمسلم: ((حينَ تزولُ الشمسُ)) ومقتضى ذلك: إنَّه كان يصلِّي الظُّهر في أوَّل وقتها ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد لاحتمال أن يكون زمن البرد وقبل الأمر بالإبراد، أو عند فقد شروط الإبراد؛ لأنَّه لا يختصُّ بشدَّة الحرِّ، أو لبيان الجواز، وقد تمسَّك بظاهره من قال: إنَّ فضيلة الوقت لا تحصل إلَّا بتقديم ما يمكن تقديمه من طهارةٍ وسترٍ وغيرها قبل دخول الوقت، ولكن الذي يظهر أنَّ المراد بالحديث التقريب، فتحصل الفضيلة لمن لم يتشاغل عند دخول الوقت بغير أسباب الصَّلاة. انتهى.
قوله: (إِلَى رَحْلِهِ) -بفتح الرَّاء وسكون الحاء المهملة- وهو مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث.
قوله: (فِي أَقْصَى المَدِيْنَةِ) صفة لرحل، وليس ظرف للفعل.
قوله: (وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ) أي بيضاء نقية، والواو فيه للحال، قال شيخنا: قال الزَّين ابن المنيِّر: المراد بحياتها قوة أثرها حرارةً ولونًا وشعاعًا وإنارةً، وذلك لا يكون بعد مصير ظلِّ كلِّ شيءٍ مثليه، وفي «سنن أبي داود» بإسناد صحيح عن خيثمة أحد التَّابعين قال: حياتها أن تجد حرَّها. انتهى.
قوله: (وَنَسِيْتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ) قائل ذلك هو سَيَّار، بيَّنه أحمد في روايته عن حجَّاج عن شُعْبَة به.
قوله: (وَكَانَ) أي رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم.
قوله: (يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ) أي صلاة العشاء، قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على استحباب التأخير قليلًا؛ لأنَّ التنصيص يدلُّ عليه، وتُعُقِّب بأنَّه بعضٌ مطلقٌ لا دلالة فيه على قلَّةٍ ولا كثرة، وسيأتي من باب وقت العشاء من حديث جابر: أنَّ التأخير إنَّما كان لانتظار من يجيء لشهود الجماعة. انتهى.
قوله: (الَّتِي تَدْعُوْنَهَا العَتَمَةَ) -بفتح العين المهملة والتاء المُثَنَّاة من فوق- والعتمة من الليل: بعد غيبوبة الشَّفق، وقد عتم اللَّيل؛ أي أظلم، وفيه إشارة إلى ترك تسميَّتها بذلك، قال شيخنا: وسيأتي الكلام عليه في باب مفرد. قال الطِّيبي: ولعل تقييده الظُّهر والعشاء دون غيرهما للاهتمام بأمرهما، فتسمية الظهر بالأولى يشعر بتقديمها، وتسمية العشاء بالعتمة يشعر بتأخيرها.
قوله: (وَالحَدِيثَ بَعدَهَا) أي التحديث، قال شيخنا: وسيأتي الكلام على كراهة النَّوم قبلها في باب مفرد. انتهى.
قوله: (وَكَانَ يَنْفَتِلُ) أي ينصرف من الصَّلاة، أو يلتفت إلى المأمومين.
قوله: (مِنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ) أي الصبح، وفيه: إنَّه لا كراهة في تسمية الصُّبح بذلك.
قوله: (حِيْنَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيْسَهُ) تقدَّم الكلام على اختلاف ألفاظ الرُّواة فيه، واستدلَّ بذلك على التعجيل بصلاة الصبح؛ لأنَّ ابتداء معرفة الإنسان وجه جليسه يكون في أواخر الغلس، وقد صرَّح بأنَّ ذلك كان عند فراغ الصلاة، ومن المعلوم من عادته صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم ترتيل القراءة وتعديل الأركان، بمقتضى ذلك إنَّه كان يدخل