وذلك لأنَّ السهر في اللَّيل سبب للكسل في النَّوم عمَّا يتوجَّه من حقوق الدِّين والطاعات ومصالح الدين، قالوا: المكروه منه ما كان في الأمور الَّتي لا مصلحة فيها، أمَّا ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه، وذلك كمدارسة العلم وحكايات الصالحين، ومحادثة الضَّيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين لحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين النَّاس والشَّفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك، وكلُّ ذلك لا كراهة فيه.
٥٤٢ - قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ) أي -بضمِّ الميم- أبو الحسن المَرْوَزي.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) أي ابن المبارك الحنظلي المَرْوَزي.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أي ابن بكير السُّلَمي البصري.
قلت: قال الحافظ أبو نصر أحمد بن محمَّد بن الحسين الكَلاباذي، والحافظ محمَّد بن طاهر المَقْدِسي: خالد بن عبد الرحمن حدَّث عن غالب القطَّان، روى عنه عبد الله غيرَ منسوب وهو ابن المبارك في الصلاة، وقد تابعه محمَّد بن يحيى الذُّهْلي فرواه عن عُبَيْد الله بن موسى عن إسرائيل عن خالد بن عبد الرحمن عن غالب نحوه. انتهى ما قالاه، وهذه مبالغة ناقضة، وقال الذَّهَبي: خالد بن عبد الرحمن عن الحسين ومحمَّد وعنه ابن مهدي وأبو الوليد صدوقٌ مُقِلٌّ. انتهى.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي غَالِبٌ القَطَّانُ) أي -بالغين المعجمة- ابن خطَّاب المشهور بابن أبي غيلان -بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف- تقدَّم في باب السُّجود على الثوب.
قوله: (عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنيِّ) تقدَّم في باب عرق الجنب.
قوله: (عَنْ أَنَس بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) تقدَّم في باب من الإيمان أن يحبَّ.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وبصيغة الإفراد، وبصيغة الماضي في موضع واحد، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه محمَّد بن مقاتل من أفراد البخاري، ووَقَعَ للأَصِيلي وغيره: <حَدَّثَنا مُحَمَّدُ> من غير نسبة، وفي رواية أبي ذرٍّ: <حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ> بنسبته إلى أبيه، وفيه وَقَعَ خالد بن عبد الرحمن على هذه الصورة، وهو السُّلَمي، واسم جدِّه بُكَير كما ذكرنا، قال شيخنا: وثبت الأمران في «مستخرج الإسماعيلي»، وفي طبقته خالد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل دمشق، وخالد بن عبد الرحمن الكوفي العبدي، ولم يخرج لهما البخاري شيئًا، وأما خالد السُّلَمي المذكور هنا فليس له ذكر في هذا الكتاب إلَّا في هذا الموضع، وهو من أفراد البخاري. وفيه أنَّ رواته مروزيَّان والبقيَّة بصريُّون.
قوله: (قَالَ: كُنَّا إِذا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِالظَّهَائِرِ سَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الحَرِّ).
مطابقته للترجمة من حيث إنَّ صلاتهم خلف رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم بالظهائر تدلُّ على أنَّهم كانوا يصلُّون الظهر في أوَّل وقته، وهو وقت اشتداد الحرِّ عند زوال الشَّمس كما مرَّ في أوَّل الباب عن جابر قال: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يُصَلِّي بِالهَاجِرَةِ) ولا يعارض حديث الأمر بالإبراد؛ لأن هذا لبيان الجواز وحديث الأمر بالإبراد لبيان الفضل.