على زيادة فضل الفجر والعشاء على غيرها من الصلوات ووضع الترجمة لبيان فضيلة صلاة العشاء، وقال شيخنا: أورد في الباب الحديث الدال على فضل العشاء والفجر فيحتمل أنْ يكون مراد الترجمة إثبات فضل العشاء في الجملة، أو إثبات أفضليتها على غيرها، والظاهر الثاني، ووجه أنَّ الفجر ثبت أفضليتها كما تقدم، وسوى في هذا بينها وبين العشاء ومساواة الأفضل يكون أفضل جزماً.
قوله: (ليْسَ صلاةٌ أثقَلَ) هكذا هو رواية الكُشْمِيهَنِي في رواية أبي ذر وكريمة عنه، وفي رواية الأكثرين ((ليْسَ أثقلَ على المنافقين)) بخلاف اسم ليس، قال العيني: وأما وجه تذكر ليس فلأن الفعل إذ؟؟؟ المسند إلى المؤنث غير الحقيقي يجوز فيه التذكير والتأنيث. انتهى.
وقوله: (أثْقَلَ) أفعل التفضيل فيدل على أنَّ الصلوات كلها ثقيلة على المنافقين، والفجر والعشاء أثقل من غيرها؛ أمَّا الفجر فلأنه وقت لذة النوم، وأمَّا العشاء فلأنه وقت السكون والراحة، وقد قال الله تعالى في حق المنافقين: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة: ٥٤] وقيل وجه ذلك هو كون المؤمنين يحوزون بما يترتب عليهما من الفضل لقيامهم بحقها دون المنافقين.
قوله: (ما فيهِمَا) أي في الفجر والعشاء من الثواب والفضل.
قوله: (لأتَوْهُمَا) أي: لأتوا الفجر والعشاء، وقالَ شيخنا: والمراد لأتوا إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد. انتهى.
قال العيني: هذا تفسير لا يطابق الترتيب أصلاً، والصَّحيح الذي ذكرناه. انتهى.
قوله: (يَؤُمُّ النَّاس) بالرفع في يؤم، والنصب في الباب، والجملة في محل النصب على أنها صلة لقوله (رَجُلَاً) وهو منصوب؛ لأنه مفعول لقوله (ثُم آمُرَ) وهو منصوب لأنَّه عطف على آمر الأول المنصوب بأن.
وقوله: (فَيُقِيْم) أيضاً منصوب عطفاً على ما قبله. قوله: (ثُمَّ آخُذَ) بالنصب لأنَّه عطف على قوله (ثُمَّ آمُرَ). قوله: (شُعَلاً) بضم الشين المعجمة، وضم العين المهملة، جمع شعلة وهي الفتيلة فيها نار نحو صحيفة وصحف، وبفتح العين جمع الشعلة من النار.
قوله: (فأُحَرِّقَ) بالنصب عطفاً على (ثُمَّ آخُذَ).
قوله: (بَعْدُ) نقيض قبل مبني على الضم، ويسمى غاية لانتهاء الكلام إليها، والمعنى بعد أن يسمع النداء إلى الصلاة، وفي رواية الكُشْمِيهَنِي لفظ (يَقْدِر) بدل (بَعْد) ومعناه لا يخرج إلى الصلاة حال كونه يقدر وهي أوضح من غيرها، قال شيخنا: لكن لم أقف عليها في شيء من الروايات عند غيره، ويؤيده ما في حديث أبي داود الذي رواه عن أبي هريرة في حديث يزيد بن الأصم، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقَدْ هممْتَ أنْ آمر فِتْيَتِي فيجمعوا حُزَمَاً من حَطَبٍ، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليستْ بهِمْ علة فَأُحَرِّقَها عليهم...)) الحديث.
وهذا الحديث يدل على أنَّه عليه الصلاة والسلام أطلق على المؤمنين الذين لا يحضرون الجماعة ويصلون في بيوتهم من غير (١) عذر ولا علة يمنع على الإتيان اسم المنافقين على سبيل المبالغة في التهديد فافهم.
(٣٥) باب
(١) قوله (غير) : ليس في الأصل، وما أثبت من» عمدة القاري».