للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ غَدَا إلى المسْجِد ورَاح أعَدَّ الله لَهُ نزُلًا مَن الجَنَّة كلَّمَا غَدَا أو رَاح).

مطابقته للترجمة ظاهرة. وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضاً عن أبي بكر بن أبي شيبة.

قوله: (أعَدَّ) بفتح الهمزة والعين المهملة وتشديد الدال، من الإعداد وهي التهيئة.

قوله: (نُزُلاً)، بضم النون وسكون الزاي وضمها وبالتنوين رواية الكُشْميْهَنِي، وفي رواية غيره: نزله، بالإضافة إلى الضمير، وفي رواية مسلم وابن خزيمة وأحمد مثل رواية الكُشْمِيهَنِي. وهو: ما يهيأ من الأشياء للقادم من الضيافة ونحوها هذا إذا كان بسكون الزاي، وأما إذا كان بضم الزاي فهو المكان الذي يهيئ للنزول فيه، فعلى الأول تكون من في قوله: (مِنَ الجِنَّة) للتبين، وعلى الثاني للتبعيض، ورواية مسلم وابن خزيمة وأحمد: (في الجنة) وهو محتمل للمعنيين.

قوله: (كُلَّمَا غدَا أو رَاح) أي: بكل غدوة وروحة، وقال الكرماني: في بعض الروايات: وراح، بواو العطف، والفرق بين الروايتين أنه على: الواو، لا بد له من الأمرين حتى يعد له نزل، وعلى كلمة: أو، يكفي أحدهما في الإعداد.

وقال بعضهم: الغدو والرواح في الحديث كالبكرة والعشي. في قوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢]. يراد بها: الديمومة، لا الوقتان المعينان.

قال شيخنا: وظاهر الحديث حصول الفضل لمن أتى المسجد مطلقاً، لكن المقصود منه اختصاصه بمن يأتيه للعبادة والصلاة رأسها. والله أعلم. انتهى.

(٣٨) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

أي: هذا باب ترجمته: إذا أقيمت إلى آخره، وهذه الترجمة بعينها لفظ حديث أخرجه مسلم في: كتاب الصلاة، من طرق كثيرة عن عمرو بن دينار المكي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.

وأخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل، وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع. وأخرجه النسائي عن أحمد بن عبد الله بن الحكم. وأخرجه ابن ماجه عن أبي بشر بن خلف.

وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان من رواية عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، فإن قلت: لأي شيء جعله البخاري جعل ترجمة ولم يخرجه؟ قيل: اختلف على عمرو بن دينار في رفعه ووقفه، ولما كان الحكم صحيحاً ذكره في الترجمة، وأخرج في الباب ما يغني عنه، لكن حديث الترجمة أعم من حديث الباب لأنَّه يشمل الصلوات كلها وحديث الباب يختص بالصبح كما سنوضحه.

ويحتمل أن يقال اللام في حديث الترجمة عهدية فيتفقان، هذا من حيث اللفظ، وأما من حيث المعنى فالحكم في جميع الصلوات واحد وقد أخرجه أحمد من وجه آخر بلفظ: ((فلا صلاة إلا التي أقيمت)).

قال العيني: الحكمة في الإنكار فيه أن يتفرغ المصلي للفريضة من أولها حتى لا تفوته فضيلة الإحرام مع الإمام فهذا يعم الكل في الحقيقة انتهى.

وقال شيخنا: قوله إذا أقيمت أي: إذا شرع في الإقامة، وصرح بذلك محمد بن جحادة عن عمرو بن دينار فيما

<<  <   >  >>