للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال لهم: ((تقدموا فائتموا بي، وليأتَمَّ بكم من بعدكم، ولا يزال قومٌ يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل) وأخرجه أبو داود أيضاً حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن عبد الله الخزاعي قالا: حدثنا أبو الأشهب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري... الحديثُ، وأخرجه النَّسائي وابن ماجه أيضاً.

قال الكِرماني: وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض لأن أبا نضرة ليس على شرطه. قال شيخنا: وهذا عندي ليس بصواب، لأنه لا يلزم من كونه على غير شرطه أنه لا يصلح عنده للاحتجاج به، بل قد يكون صالحاً للاحتجاج به عندَه وليس هو على شرط صحيحِه الذي هو أعلى (١) شروط الصحة، والحقُّ أن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف بل قد تُستعمل في الصحيح أيضاً بخلاف صيغة الجزم فإنها لا تستعمل إلا في الصحيح، وظاهرُه يدل لمذهب الشعبي.

قال العيني: هذا الذي قاله يخرِم قاعدتَه، لأنه إذا لم يكن على شرطه كيف يحتج به؟ وإلا فلا فائدة لذلك الشرط. انتهى. قلتُ: لا تنخرمُ قاعدتُه بالاحتجاجِ بمثل هذا، لأنه لم يشترِط خلوَّ الصحيحِ مِن هذا القدْرِ الذي ميَّزه بهذه الصفة، وإنما تنخرِمُ قاعدتُه بسياقِه بصفةِ الأحاديثِ الموصولة ولم يكن صالحاً لاحتجاجٍ لَمَا كان لِذكره هنا فائدة، وأما ذِكرُه بهذه الصيغة فإنَّ البخاريَّ قد يذكُر في موضعٍ مثلَ هذا ثم يجزِمُ في موضعٍ آخر، فلهذا قال شيخُنا: إن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف. انتهى.

وأبو نَضْرَة، بالنون المفتوحة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء، واسمه المنذر بن مالك البصري، وأبو الأشهب في مسند أبي داود اسمُه جعفر بن حَيَّان العُطَارِدي السعدي البصري الأعمى، وثقه (٢) يحيى وأبو زرعة وأبو حاتم، مات سنة ست وثلاثين ومائة، روى له الجماعة. انتهى.

قوله: (ائْتَمُّوا بِي) خطابٌ لأهل الصف الأول.

قوله: (وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ) معناه عند الجمهور: يستدلون بأفعالكم على أفعالي، لا أنهم يقتدون به حال اقتدائهم بغيرهم، فإن الاقتداء لا يكون إلا لإمامٍ واحد.

وفيه: جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مُبَلِّغٍ عنه أو صف قُدَّامَه يراه متابعاً للإمام.

قوله: (مَنْ) بفتح الميم، في محل الرفع لأنه فاعل لقوله: (وَلْيَأْتَمَّ).

قوله: ((ولا يزال قومٌ يتأخرون)) أي عن الصفوفِ الأُوَل ((حتى يؤخرهم الله)) عن عظيم فضله أو رَفْعِ منزلتِه أو نحوِ ذلك.

٧١٣ - قوله: (حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ) أي ابن سَعِيدٍ.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) أي محمد بن حازم الكوفي.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلَالٌ يُؤذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَالَ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ)) فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَالَ: ((إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ)) فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلَاهُ يَخُطَّانِ الأَرْضَ، حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ، ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي


(١) في (الأصل) : ((على))، والصواب: ((أعلى)).
(٢) في (الأصل) : ((ولقبه))، والصواب: ((وثقه)).

<<  <   >  >>