للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشيءٌ غير موجَّهٍ، وكذلك في كلامه ودعواه ببطلان الكلِّ؛ أما الذي هو غير موجَّه فهو قوله: أنَّ النَّهي كان في صلاة لا سبب لها وهذا غير صحيح، لأنَّ النَّهي عام وتخصيصه بالصلاة الَّتي لا سبب لها تخصيص بلا مخصص وهذا باطل، وقد استقصينا الكلام فيه فيما مضى.

وأمَّا الذي هو غير موجَّه من كلام الكِرْماني فهو قوله: لأنَّ الأصل عدم الاختصاص وهذا غير صحيح على إطلاقه، لأنَّه إذا قام الدليل على الاختصاص فلا يُنكر، وههنا قد قامت دلَّائل من الأحاديث وأفعال الصحابة في أنَّ هذا الذي صلَّى عليه السَّلام بعد العصر كان من خصائصه، وقد ذكرناها فيما مضى.

وقول الكِرْماني وصلاته عليه السَّلام بعد العصر كانت مستمرة، يردُّه دعواه عدم التخصيص، إذ لو لم يكن من خصائصه لأمر بقضائها إذا فاتت، ولم يأمر ذلك، ألا ترى في حديث أمِّ سلمة المذكور قالت: (قُلْتُ يا رَسُوْلَ اللهِ أفنقضيهما إذا فاتَتَا؟ قَالَ: لا) فدلَّ ذلك على أن حكم غيره فيهما إذا كانتا خلاف حكمه، فليس لأحد أن يصلِّيهما بعد العصر، وههنا شيء آخر يلزمهم وهو أنَّه عليه السَّلام يداوم عليهما، وهم لا يقولون به في الأصحِّ الأشهر، فإن عورضوا يقولون هذا من خصائص رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ في الاستدلال بالحديث يقولون الأصل عدم التخصيص، وهذا كما يقال فلان مثل الظليم، يستحمل عند الاستطارة، ويستطير عند الاستحمال.

وقوله: ليس التشبُّه بهم غير صحيح فإنَّ حديث أبي أمامة على التشبُّه بهم، وهو الذي رواه مسلم وفيه: ((فقلت يا رسول الله أخبرني عن الصَّلاة قال: صلِّ الصُّبح ثمَّ اقصرْ عَنِ الصَّلاة حِينَ تَطْلُعُ الشَّمس حتَّى ترْتَفعَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَينَ قَرْنَي الشَّيطان وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكفَّارُ)) الحديث؛ وفيه أيضًا: ((فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَينَ قَرْنَي الشَّيْطَانِ))، والشارع أخبر بأنَّ الشَّيطان يحاذي الشَّمس بقرنيه عند الطلوع وعند الغروب، والكفار يسجدون لها حينئذ، فنهى الشَّارع عن الصَّلاة في هذين الوقتين حتَّى لا يكون المصلُّون فيهما كالساجدين لها، وقوله: والقول والفعل إذا تعارضا يقدم القول ليس على إطلاقه، فإنَّ أحدهما إذا كان حاظرًا والآخر مبيحًا يقدم الحاظر على المبيح سواء كان قولًا أو فعلًا فافهم. انتهى.

قلت: وفيما قاله العَيني شيء غير موجه دعاه إليه الدفع عن مذهبه، وقد أجبنا عنه فيما تقدَّم، وهو أنَّ الاختصاص إنَّما هو المداومة لا أصل القضاء، وأنَّ الحديث المروي عن أم سلمة في النَّهي عن قضاء الركعتين إذا فاتتا ضعيف والله أعلم. انتهى.

(٣٤) (بَابُ التَّبْكِيْرِ فِي الصَّلاة فِي يَوْمِ غَيْمٍ) أي هذا باب في بيان التبكير أي المبادرة والإسراع إلى الصَّلاة في اليوم الذي فيه الغيم، خوفًا من وقوعها خارج الوقت.

٥٩٤ - قوله: (حَدَّثَنا مُعَاذُ بنُ فَضَالَةَ) أي بضمِّ الميم وفتح الفاء، ترجمته في باب النَّهي عن الاستنجاء باليمين.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ) أي المتقدِّم.

قوله: (عَنْ يَحْيَى) هو ابن كثير، ترجمته في كتاب العلم.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) أي بكسر القاف، هو عبد الله بن زيد الجَرميِّ، ترجمته في باب حلاوة الإيمان.

<<  <   >  >>