للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن ابن عمر نحوُه، وأَمَرَه بالإعادة. وقال القرطبي: من خالف الإمام فقد خالف سُنَّة المأموم وأجزأته صلاته عند جمهور العلماء. وفي «المغني» لابن قدامة الحنبلي: فإن سبق إمامَه فعليه أن يرفع ليأتي بذلك مؤتَمَّاً بالإمام، فإن لم يفعل حتى لحقه الإمام سهواً أو جهلاً فلا شيء عليه، فإن سبقه عالماً بتحريمه فقال أحمد في «رسالته» : ليس لمن سبق الإمام صلاةٌ، لقوله: ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام... ؟)) الحديث، ولو كانت له صلاة لرُجِي له الثوابُ، ولم يُخش عليه العقاب، وقال ابن بَزيزَة: استدل بظاهره قومٌ لا يعقلون على جواز التناسخ. قال شيخنا: وهو مذهب رديء مبني على دعاوى بغير برهان، والذي استدل بذلك منهم إنما استدل بأصل المسخ لا بخصوص الحديث.

لطيفة: قال صاحب القبس: ليس التقدم قبل الإمام إلا طلبُ الاستعجال ودواؤه أن يستحضرَ أنه لا يُسلِّمُ قبل الإمام ولا يستعجل في هذه الأفعال والله المستعان. انتهى.

وفي الحديث أيضاً: كمال شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته، وبيانُه لهم الأحكام وما يترتب عليها من الثواب والعقاب. قلتُ: وفيه جوازُ قلبِ الأعيان، والله أعلم. انتهى.

(٥٤) (بَابُ إِمَامَةِ العَبْدِ وَالمَوْلَى)

أي هذا بابٌ في بيان حكم إمامة العبد والمولى، أراد به المولى الأسفل وهو المعتوق، ولِلَفظ المولى معانٍ متعددة، والمراد به ههنا المعتوق. قال الزين بن المنير: لم يُفصح بالجواز، لكن لوَّحَ به لإيراده أدلتَه.

قوله: (وَكَانَتْ عَائِشَةُ) أي أم المؤمنين.

قوله: (يَؤُمُّهَا) أي يصلي إماماً لها.

قوله: (عَبْدُهَا ذَكْوَانُ) أي بالذال المعجمة، وكنيته أبو عمرو ومات في أيام الحرة أو قُتِل بها.

قوله: (مِنَ المُصْحَفِ) أي يقرأُ في صلاته بها في المصحف.

إيراده هذا الأثر يدل على أن مراده من الترجمة الجوازُ وإن كانت الترجمة مطلَقَةً، ووصل هذا ابن أبي شيبة عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبي بكر بن أبي مليكة: أن عائشة رضي الله عنها أعتقت غلاماً عن دُبُرٍ، فكان يؤمُّها في رمضان في المصحف. وروى أيضاً عن ابن عُليَّة عن أيوب سمعت القاسم يقول: كان يؤم عائشةَ عبدٌ يقرأ في المصحف. ورواه الشافعي عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة: أنهم كانوا يأتون عائشة بأعلى الوادي هو وأبوه وعبيدُ بن عمير والْمِسور بن مَخرَمة وناسٌ كثير، فيؤمُّهم أبو عمروٍ مولى عائشة، وهو يومئذ غلامٌ لم يُعتَق. وكان إمامَ بني محمد بن أبي بكر وعروةَ. وعند البيهقي من حديث أبي عتبة أحمد بن الفرج الحمصي حدثنا محمد بن حمير حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن هشامٍ عن أبيه: أن أبا عمرو ذكوانَ كان عبداً لِعائشة فأعتقته، وكان يقومُ بها شهر رمضانَ يؤمُّها وهو عبدٌ. وروى ابن أبي داود في «كتاب المصاحف» من طريق أيوب عن ابن أبي مليكة: أن عائشة كان يؤمُّها غلامُها ذكوان في المصحف.

قوله: (مِنَ المُصْحَفِ) ظاهرُه يدل على جواز القراءة في المصحف في الصلاة، وبه قال ابن سيرين والحكم وعطاء والحسن، وكان أنس يصلي وغلامه خلفه يمسك له المصحف، وإذا تعايا في آيةٍ فَتَح عليه. وأجازَه مالك في قيام رمضان،

<<  <   >  >>