للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكرهه النخَعي وسعيد بن المسيب والشعبي، وهو رواية عن الحسن، وقال: هكذا يَفعلُ النصارى. وفي مصنف ابن أبي شيبة: وسليمانُ بن حنظلة ومجاهد بن جبير وحماد وقتادة.

وقال ابن حزم: لا تجوز القراءة من المصحف ولا من غيره لمصلٍّ إماماً كان أو غيره، فإنْ تعمدَ ذلك بطلت صلاتُه، وبه قال ابن المسيب والحسن والشعبي وأبو عبد الرحمن السُّلَمي. قال العيني: وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وقال صاحب «التوضيح» : وهو غريب لم أره عنه. قال العيني أيضاً: القراءة من مصحف في الصلاة مُفسِدةٌ عند أبي حنيفة لأنه عمل كثير، وعند أبي يوسف ومحمد: يجوز، لأن النظر في المصحف عبادة، ولكنه يُكرَه لما فيه من التشبُّهِ بأهل الكتاب في هذه الحالة، وبه قال الشافعي وأحمد. وعند مالك وأحمد في رواية: لا تُفسِد في النفل فقط.

قال شيخنا: وإلى صحة إمامة العبد ذهب الجمهور، وخالف مالك فقال: لا يؤم الأحرارَ إلا إن كان قارئاً وهم لا يقرؤون، فيؤمُّهم إلا في الجمعة لأنها لا تجب عليه، وخالفه أشهب واحتج بأنها تجزئه إذا حضرها. وقال العيني: قال أصحابنا - أي الحنفية -: يكره إمامة العبد لاشتغاله بخدمة مولاه، وأجازها أبو ذر وحذيفة وابن مسعود، ذكره ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وعن أبي سفيان أنه كان يؤمُّ بني عبد الأشهل وهو مكاتَب وخلْفَه صحابةٌ: محمد بن مَسلمة وسلمة بن سلامة (١). وصلى سالم خلف زياد مولى أم الحسن وهو عبدٌ، ومن التابعين ابنُ سيرين والحسن وشريح والنخعي والشعبي والحَكَم، ومن الفقهاء الثوري وأبو حنيفة وأحمد والشافعي وإسحاق. وقال مالك: لا يؤم في جمعة ولا عيد، وعن الأوزاعي: لا يؤم إلا أهلَه. وممن كره الصلاة خلفَه: أبو مِجْلَز، فيما ذكره ابن أبي شيبة، والضحاك بزيادة: ولا يؤم من لم يحجَّ قوماً فيهم من قد حج. وفي «المبسوط» : إن إمامته جائزة وغيرُه أحبُّ.

قال العيني: ولا شك أن الحُرَّ أولى منه لأنه مَنصِبٌ جليل، فالحُّر أليق بها، وقال ابن خيران من أصحاب الشافعية: تُكره إمامتُه بالحُرِّ، وخالف سليم الرازي. ولو اجتمع عبدٌ فقيه وحُرٌّ غير فقيه فثلاثة أوجه: أصحها أنهما سواء، ويترجح مَن قال: العبد الفقيه أولى لِمَا أَنَّ سالماً مولى أبي حذيفة كان يؤمُّ المهاجرين الأولين في مسجد قُباء فيهم عمرُ وغيرُه، لأنه كان أكثرَهم قرآنا.

قوله: (وَوَلَدِ البَغِيِّ) عطفٌ على قولِه: (وَالمَوْلَى)، ولكن فَصَل بين المعطوفِ والمعطوفِ عليه بأثر عائشة رضي الله عنها. والبغِيُّ بفتح الباء الموحدة وكسر الغين المعجمة والتشديد، وهي: الزانية، ونقل ابن التِّين أنه رواه بفتح الباء وسكون الغين والتخفيف، والأولُ أولى، وغفل القرطبيُّ في مختصر البخاري فجعله من بقية الأثر المذكور.

وإلى صحة إمامة ولد الزنا ذهب الجمهور، وكان مالك يكره أن يُتَّخذ إماماً زانياً (٢)، وعلته عنده أنه يصير مُعرَّضاً لكلام الناس فيأَثمون بسببه، وقيل لأنه ليس له في الغالب من يُفَقِّهُه (٣) فيغلِب عليه الجهل، وأجاز النخَعي إمامتَه وقال: رُبَّ عبدٍ خيرٌ من مولاه، والشعبي وعطاء والحسن. وقالت عائشة: ليس عليه من وزر أبويه شيءٌ. ذكره ابن أبي شيبة،


(١) في (الأصل) : ((سلام))، والصواب: ((سلامة)).
(٢) كذا في (الأصل) : ((زانياً))، ولعل الصواب: ((راتباً)).
(٣) في (الأصل) : ((يفقه))، والصواب: ((يفقهه)).

<<  <   >  >>