ورأت طائفةٌ أنه لا يعتمد على يديه إلا أن يكونَ شيخاً أو مريضاً، وقال ابن بطال: روي ذلك عن علي والنخعي والثوري، وكره الاعتمادَ ابنُ سيرين وقال صاحب «الهداية» : وما رواه الشافعي - وهو حديث مالك بن الحويرث - محمولٌ على فعله عليه السلام بعدما كبر وأسن. قال العيني: فيه تأمل، لأن أنهى ما عُمِّر عليه السلام ثلاث وستون سنة، وفي هذا القدر لا يعجز الرجل عن النهوض، اللهم إلا إذا كان لِعذرِ مرضٍ أو جراحةٍ ونحوهما. وفي «التوضيح» : وحمْلُ مالكٍ هذا الحديثَ على حالة الضعف بعيدٌ، وكذا قول من قال: أن مالك بن الحويرث رجل من أهل البادية أقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة ولعله رآه فعل ذلك في صلاة واحدة لِعذر فظن أنه من سنة الصلاة أبعد وأبعد. انتهى.
وفي الحديث دليل على أنه يجوز للرجل أن يعلم غيره الصلاة والوضوء، عملاً وعياناً، كما فعل جبريل، عليه الصلاة والسلام، بالنبي صلى الله عليه وسلم. وفيه: أن التعليم بالفعل أوضح من القول.
أي هذا باب ترجمتُه: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة من غيرهم ممن ليس من أهل العلم، قال شيخنا: ومقتضاه أن الأعلم والأفضل أحق من العالم والفاضل، وسيأتي الكلام على ترتيب الأئمَّة بعد بابين. قال العيني: هذا التركيب لا يقتضي أصلاً هذا المعنى، بل مقتضاه أن العالم أحق من الجاهل، والفاضل أحق من غير الفاضل. انتهى. قلتُ: إنما استحق العالِم التقديمَ لأجل ما اتَّصفَ به من الزيادة في أوصافه الحميدة إذْ لا شكَّ أن الأعلمَ فيه زيادةُ وصفٍ جميلٍ على العالم، فمقتضى هذا أن يكون أحق بالإمامة، وقد قرر الفقهاءُ هذا الحكم في الفروع. انتهى. وقال شيخنا أيضاً: وذِكرُ الفضل بعد العلمِ من العام بعد الخاص. قال العيني: هذا إنما يتَمشى إذا أريد من لفظ الفضل معنى العموم، وأما إذا أريد منه معنى خاص لا يتمشى هذا على ما لا يخفى. انتهى.
٦٧٨ - قوله:(حَدَّثَني إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ) أي بفتح النون وسكون الصاد المهملة: وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر أبو إبراهيم، وروى عنه البخاري في غير موضع من كتابه، مرةً يقول: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر، ومرة يقول: حدثنا إسحاق بن نصر، فينسبه إلى جده، ترجمته في باب فضل من علم وعلَّم.
قوله:(قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ) أي ابن علي بن الوليد الجعفي الكوفي، ترجمته (١).
قوله:(عَنْ زَائِدَةَ) أي ابن قدامة، ترجمته في باب غسل المذي والوضوء منه.
قوله:(عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ) أي تصغير عمرو، ابن سويد الكوفي كان معروفاً بعبد الملك القبطي، لأنه كان له فرس سابق يعرف بالقبطي، فنسب إليه، وكان على قضاء الكوفة بعد الشعبي وهو أول مَن عَبَر نهر جيحون نهر بلخ على طريق سمرقند، مات