سنة ست وثلاثين ومائة وعمره مائة سنة وثلاث سنين.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ) أي ابن أبي موسى، ووهِمَ مَن قال: إنه أخوه. واسمه: عامر، ترجمته في باب أيُّ الإسلام أفضل.
قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى) أي الأشعري، عبد الله بن قيس، ترجمته في الباب أيضاً.
في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضعين، وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع. وفيه: القول في ثلاث مواضع، وفيه: نسبة الراوي إلى جده وهو شيخ البخاري، وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي، وفيه: أن رواته كلهم كوفيون سوى شيخ البخاري. وفيه: أن شيخه من أفراده.
قال شيخنا: والظاهر أن حديث أبي موسى من مراسيل الصحابة، ويحتمل أن يكون تلقَّاه عن عائشة أو بلال.
قوله: (قَالَ: مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقَالَ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ))، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَ: ((مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ))، فَعَادَتْ، فَقَالَ: ((مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ))، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
مطابقته للترجمة ظاهرة، فإن أبا بكر أفضلُ الصحابة رضي الله عنهم.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في أحاديث الأنبياء عليهم السلام، عن الربيع بن يحيى، وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قد ذكرنا أكثر معاني هذا الحديث وما يتعلق به في باب حد المريض أن يشهد الجماعة، فإنه روَى هذا الحديث هناك من حديث الأسود عن عائشة، وبَيَّنَّا هناك ما ذُكِر فيه من اختلاف الروايات.
قوله: (رَقِيقٌ) أي رقيق القلب.
قوله: (لَمْ يَسْتَطِعْ) أي من البكاء لكثرة الحزن ورقة القلب.
قوله: (فَعَادَتْ) أي: عائشة إلى مقالتها الأولى.
قوله: (فَإِنَّكُنَّ)، الخطابُ لجنس عائشة، وإلا فالقياس أن يقال: إنكِ، بلفظ المفرد.
قوله: (فَأَتَاهُ الرَّسُولُ) أي فأتى أبا بكر رسولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتبليغ الأمر بصلاته بالناس، وكان الرسولُ هو بلال.
قوله: (فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أي إلى أن مات، وكذا صرَّح به موسى بن عقبة في «المغازي».
فيه: دلالة على فضل أبي بكر رضي الله عنه. وفيه: أن أبا بكر صلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت في هذه الإمامة - التي هي الصغرى - دلالة على الإمامة الكبرى.
وفيه: أن الأحق بالإمامة هو الأعلم، واختلف العلماء فيمن هو أولى بالإمامة، فقالت طائفةٌ: الأفقهُ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور. وقال أبو يوسف وأحمد وإسحاق: الأقرأُ، وهو قول ابن سيرين وبعضِ الشافعية، ولا شك في اجتماع هذين الوصفين في حق الصِّديق، ألا ترى إلى قول أبي سعيد: