أذان المنفرد لإيداع الشَّهادة له بذلك، والثالثة: فيها حقن الدِّماء عند وجود الأذان.
قال: وإذا انتفت عن الأذان فائدة من هذه الفوائد لم يشرع إلَّا في حكايته عند سماعه، ولهذا عقَّبه بترجمة ما يقول إذا سمع المنادي. انتهى كلامه ملخصًا.
٦١٠ - قوله:(حَدَّثَنِي قُتَيْبَة قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أنَسٍ) هذا الإسناد بعينه قد سبق في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله.
أخرجه البخاري أيضًا عن قُتَيْبَة في الجهاد، وروى مسلم طرفه المتعلِّق بالأذان من طريق حمَّاد بن سلمة عن ثابت عن أَنَس قال:((كَانَ رَسُوْلُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ يُغِيْرُ إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ، وكان يَسْتَمِعُ الأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ الأَذَانَ أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ)).
قوله:(إِذا غَزَا بِنَا) أي مصاحبًا للصحابة.
قوله:(لَمْ يَغْزُ بِنَا) قال الكِرْماني: فيه خمس نسخ، قلت: الأولى: <لمْ يَغْزُو>، من: غزا يغزو غزوًا، والاسم: الغزاة، وكأنَّ الأصل فيه إسقاط: الواو علامة للجزم، ولكنَّه على بعض اللغات، وهو عدم إسقاط الواو، وإخراجه على الأصل، ثمَّ قيل: هذه لغة، وقيل: ضرورة، ولا ضرورة إلَّا في الشعر كما قال الشاعر: لم تهجو ولم تدع، ووروده هكذا يدلُّ على أنَّه لغة، وهذه رواية كريمة، الثانية: <لمْ يَغْزُ>، مجزومًا على أنَّه بدل من لفظ: لم يكن. وهي رواية المُسْتَمْلي، الثالثة: <لمْ يُغِيْرَ>، من الإغارة بإثبات الياء بعد الغين، وهي رواية الأَصِيلي، وهي على غير الأصل، الرابعة: <لمْ يُغِرْ> من الإغارة أيضًا لكنَّه على الأصل، الخامسة: <لمْ يَغْدُوا> -بإسكان الغين وبالدَّال المهملة- من: الغدو، ونقيض الرواح وهي رواية الكُشْمِيهَني، ورواية مسلم تشهد لرواية من رواه من الإغارة، والله أعلم.
قوله:(ويَنْظُرَ) أي ينتظر.
قوله:(خَرَجْنَا إلَى خَيْبَرَ) وخيبر بلغة اليهود: حصن، وقد ذكرنا تحقيق هذا في: باب ما يذكر في الفخذ، فإنَّ البخاري ذكر بعض هذا الحديث هناك عن أنس:((أنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلِّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيْفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ، حتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فَلَمَّا دَخَلَ القَرْيَةَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ}[الصافات: ١٧٧])) قَالَهَا ثَلَاثًا، الحديث. وأبو طلحة وهو الصحابي المشهور، واسمه: زيد