لا يؤذِّنَ إلا وهو طاهر. وقاله علي بن عبد الله بن عباس، ورواه عن أبيه أيضاً مرفوعاً، وعند ابن أبي شيبة: أمر مجاهد مؤذنَه ألَّا يؤذن حتى يتوضأ.
قوله: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ:) أي أم المؤمنين رضي الله عنها، ترجمتها في بدء الوحي.
قوله: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) هذا التعليق وصله مسلم من حديث عبد الله البهي عن عائشة، وقال فيه الترمذي: حسن غريب. وفي إيراد البخاري له هنا إشارة إلى اختيار (١) قول النَّخَعي كما تقدم، وهو قول مالك والكوفيين، لأن الأذان من جملة الأذكار فلا يُشترط فيه ما يُشترط في الصلاة من الطهارة ولا من استقبال القبلة، كما لا يُستحب فيه الخشوع الذي ينافيه الالتفاتُ وجَعْلُ الإصبع في الأُذُن.
وبهذا تعرف مناسبة ذِكْرِه لهذه الآثار والترجمة، ولاختلافِ نظر العلماء فيها أوردها بلفظ الاستفهام ولم يجزم بالحكم.
قال شيخنا وقال العيني: فإن قلتَ: ذكر البخاري هنا عن بلال وابن عمر وإبراهيم وعطاء وعائشة رضي الله عنهم، فما وجه ذلك في هذا الباب وليس في الترجمة ما يشتمل على شيء من ذلك؟ قلتُ: إنه لما ترجم هذا الباب بما ترجم به وذَكَر فيه الاستفهام في موضعين ولم يجزم بشيء فيهما لأجل الاختلاف الذي ذكرناه فيهما، أشار بالخلاف الذي بين بلال وابن عمر إلى أن هذا الذي شاهد بلالاً حين يتبع فاه، رآه بالضرورة أنه جعل إصبعيه في أذنيه، والذي شاهد ابن عمر لم ير منه ذلك، فكان لذكر ذلك في هذا الباب وجهٌ من هذه الحيثية.
ثم أشار بالخلاف الذي بين إبراهيم وعطاء: إلى أن هذا المؤذن الذي يتبع فاه أو غيره يتبعه فاه كيف حاله؟ أهو في الطهارة أم لا؟ وهو أيضاً وجهٌ ما من هذه الحيثية.
فوُجِدت المناسبة في ذِكرِ هذين الشيئين، وأدنى المناسبة كافٍ، لأن المقام إقناعي لا برهاني. وأما وجه ذِكرِ ما رُوي عن عائشة ههنا فهو لبيان عدم صحة إلحاق الأذان بالصلاة، لأن قولها: (عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) مُتناولٌ لحين الحدث. انتهى.
قال شيخنا: وقد تقدم الكلام على حديث عائشة في باب تقضي الحائض المناسك من كتاب الحيض.
٦٣٤ - قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) أي الفَريابي، ترجمته في باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة.
قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) أي الثوري، ترجمته في باب علامات المنافق.
قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ) أي بفتح العين المهملة. وجُحَيفة بضم الجيم وفتح الحاء المهملة. واسمه وهب بن عبد الله، ترجمته في باب الصلاة في الثوب الأحمر.
قوله: (عَنْ أَبِيهِ) أي أبو جُحيفة. ترجمته في كتابة العلم.
قوله: (أَنَّهُ رَأَى بِلَالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا بِالأَذَانِ) مطابقته للترجمة ظاهرة.
قوله: (هَهُنَا وَهَهُنَا بِالأَذَانِ) قال شيخنا: كذا أُورد مختصراً، ورواية وكيع عن سفيان عند مسلم أتمُّ حيث قال: ((فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يميناً وشمالاً يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح)). وهذا فيه تقييد الالتفات في الأذان وأن محلَّه عند الحيعلتين، وبوب عليه ابن خزيمة: انحرافُ المؤذن عند قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، بفمه لا ببدنه كله.
قال: وإنما يمكن الانحراف
(١) في (الأصل) : ((اختيا)) والصواب ((اختيار)).