للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

انتهى.

قلت: يقال ههنا ما قلناه بعد جوابه الأوَّل. انتهى.

قال: فإن قلت: قد ذكر البَيْهَقي في باب الجمع بين الصلاتين في السَّفر عن حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن نافع عن ابن عُمَر: ((أنَّه سارَ حتَّى غابَ الشَّفق فنزلَ فجمعَ بينَهما)) رواه أبو داود وغيره، وفيه: ((أخَّرَ المغربَ بعدَ ذهابِ الشَّفق حتَّى ذهبَ هُوِيٌّ منَ الليلِ، ثمَّ نزلَ فصلَّى المغربَ والعشاءَ)) قلت: لم يذكر سنده حتَّى ننظر فيه، وروى النَّسائي بخلاف هذا، وفيه: ((كانَ عليهِ السَّلام إذا جدَّ بهِ أمرٌ أو جدَّ بهِ السيرُ جمعَ بينَ المغربِ والعشاءِ) قال: فإن قلت: قد قال البَيْهَقي: ورواه يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع، فذكر: إنَّه سار قريبًا من ربع اللَّيل ثمَّ نزل فصلَّى، قلت: أسنده في «الخلافيات» من حديث يزيد بن هارون بسنده المذكور، ولفظه: ((فسرْنا أميالًا، ثمَّ نزلَ فصلَّى)) قال يحيى: فحدَّثني نافع هذا الحديث مرَّة أخرى فقال: ((سرْنا حتَّى إذا كانَ قريبًا مِنْ ربعِ اللَّيلِ نزلَ فصلَّى)) فلفظه مضطرب كما ترى قد رُوي على وجهين، فاقتصر البَيْهَقي في «السنن» على ما يوافق مقصوده.

واستدلَّ جماعة من الأئمَّة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث على جواز الجمع في الحضر للحاجة مطلقًا، لكن بشرط ألَّا يُتخذ عادة، وممن قال به ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفَّال الكبير، وحكاه الخطَّابي عن جماعة من أصحاب الحديث، واستدلَّ لهم بما وَقَعَ عند مسلم في هذا الحديث من طريق سعيد بن جُبَير قال: فقلت لابن عبَّاس: لم فعل ذلك؟ قال: أراد ألَّا يحرج أحدًا من أمَّته.

وللنَّسائي من طريق عَمْرو بن هَرِم عن أبي الشَّعثاء: أنَّ ابن عبَّاس صلَّى بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء، فعل ذلك من شُغل، وروى مسلم من طريق عبد الله بن شَقيق: أنَّ شُغل ابن عبَّاس رضي الله عنهما المذكور كان بالخطبة، وإنَّه خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النُّجوم، ثمَّ جمع بين المغرب والعشاء.

والذي ذكره ابن عبَّاس من التعليل بنفي الحرج جاء مثله عن ابن مسعود مرفوعًا أخرجه الطَّبَرَاني ولفظه: ((جمعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الظهرِ والعصرِ، وبينَ المغربِ والعشاءِ، فقيلَ لهُ في ذلك فقالَ: صنعْت هذا لئلَّا تُحرجَ أمَّتِي) قال شيخنا: وإرادة نفي الحرج تقدح في حمله على الصُّوري؛ لأنَّ القصد إليه لا يخلو عن حرج. انتهى.

قال العَيني: قال الخطَّابي في الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عبَّاس: هذا حديث لا يقول به أكثر الفقهاء. وقال الترمذي: ليس في كتابي حديث أجمعت الأمم على ترك العمل به إلَّا حديث ابن عبَّاس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، وحديث قتل شارب الخمر في المرَّة الرابعة، وأمَّا الذي أخرجه الطَّبَرَاني فيردُّه ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود: ((ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ صلَّى صلاةً لغيرِ وقتِها)) الحديث، وقد ذكرناه عن قريب. انتهى. قلت: وقد ذكرنا جوابنا للعَيني هناك. انتهى.

(١٣) (بَابُ وَقْتِ العَصْرِ) أي هذا باب في بيان وقت صلاة العصر، والمناسبة بين هذه الأبواب ظاهرة خصوصًا بين هذا الباب والذي قبله.

٥٤٤ - قوله: (حَدَّثَنا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ) أي ابن عبد الله القُرَشي، ترجمته في باب من سُئل علمًا.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا أَنَس بنُ عِيَاضٍ) أي أبو ضمرة اللَّيثي، ترجمته في باب التبرُّز في البيوت.

قوله: (عَنْ هِشَامٍ) أي ابن عُرْوَة.

قوله: (عَنْ أَبِيْهِ)

<<  <   >  >>