للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من يوقِظُ الناس قبلَ دخول وقتها ليتأهبوا ويدركوا فضيلة أول الوقت والله أعلم.

قال أبو الفتح القشيري: الذي قالوا يجوز الأذان للصبح قبل دخول وقتِه اختلفوا في وقتِه، فذكر بعضُ الشافعية أنه يكون في وقت السحر من الفجر الصادق والكاذب، قال: ويُكره التقديم على ذلك الوقت، وعند البعض: يؤذَّن عند انقضاء صلاة العَتَمة من نصف الليل، وهو الأصح من أقوال أصحاب الشافعي.

والقول الثاني: عند طلوع الفجر في السحر، قال النووي: وبه قطع البغوي وصححه القاضي حسين والمتولي.

الثالث: يؤذَّن لها في الشتاء لسُبع يبقى من الليل، وفي الصيف لنصفِ سُبع يبقى.

والرابع: من ثلث الليل آخر الوقت المختار.

والخامس: جميعُ الليل وقتٌ لِأَذان الصبح، حكاه إمامُ الحرمين وقال: لولا حكاية أبي علي له، وأنه لم يَنقل إلا ما صح عندَه لما استخرتُ نقلَه، وكيف يخشى الدعاءَ لصلاة الصبح في وقت الدعاء للمغرب؟ والسرفُ في كل شيء مطَّرَح.

وأما السُبع ونصف السُبع فحديث باطل عند أهل الحديث، وإنما رواه الشافعي عن بعض أصحابه عن الأعرج عن إبراهيم عن محمد عن عمارة عن أبيه عن جده عن سعد (١) القرظ، وهو مخالِفٌ لمذهبه فإنه قال: كان أذانُنا في الشتاء لسُبْعٍ ونصف سُبع يبقى من الليل، وفي الصيف لسُبع يبقى منه.

وقال ابن الأثير في «شرح المسند» : وتقديمُ الأذان على الفجر مستحب. وبه قال مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأبو يوسف. وفيه بيانُ الفجر الكاذب والصادق وفيه زيادة الإيضاح بالإشارة باليد للتعليم.

وقال المهلب: يؤخذ منه أن الإشارة تكون أقوى من الكلام. انتهى.

قلتُ: وقد غلَّبَ الفقهاءُ الإشارةَ على العِبارة في مواطنَ معروفةٍ وأن الراوي يتحفظ في الرواية فلا يَجزِم بشيء مُشَكٍّ وإن كان المعنى لا يختلف.

وفيه: تعليمُ الميقات للأحكام الشرعية، وتقريرُه لغير المؤذنين. انتهى.

٦٢٢ - ٦٢٣ - قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) قال شيخنا: لم أره منسوبًا، وتردد فيه الجِيَّاني، أي فقال: يحتمل أن يكون إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أو إسحاق بن منصور الكَوْسَج. وهو عندي ابنُ إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهَوْيه كما جزم به المِزِّي - أي أبو الحجاج الدمشقي - في «أطرافه» أنه إسحاق بن إبراهيم، ويدل عليه تعبيره بقوله: «أخبرنا»، فإنه لا يقول قط: «حدثنا»، بخلاف إسحاق بن منصور وإسحاق بن نصر.

وأما ما وقع بخط الدمياطي - أي على حاشية «الصحيح» - أنه هو ابن شاهين الواسطي فليس بصواب لأنه لا يُعرف له عن أبي أسامة شيءٌ لأن أبا أسامة كوفي وليس في شيوخ ابن شاهين أحدٌ من أهل الكوفة. انتهى.

قال العيني: عدم معرفته بعدم رواية ابن شاهين عن أبي أسامة لا يستلزم العدم مطلقاً، وجهلُ الشخص بشيء لا يستلزم جهلَ غيره به. انتهى.

قلتُ: التصرف في الرواية بالأمور العقلية لا يتمشَّى عند أهل الفن، فإن الرواية أمرٌ نقلي، ولهذا يقع للكِرماني أمورٌ يتصرف فيها بالعقل وتكون أمرُ الرواية بخلافه، فإذا قال الحافظ المطلع: ليس في شيوخ فلان كوفي. كيف ثبت له خلاف ذلك من غير دليل! انتهى.

ترجمة إسحاق بن راهَوْيه في باب فضل من علِم


(١) في (الأصل) : ((سعيد)) والصواب ((سعد)).

<<  <   >  >>