للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك، وأخرجه ابن ماجه عن قتيبة عن مالك.

قوله: (لِلنَّاسِ) أي إذا صلى إماماً للناس، أو لأجل ثوابِ الناس أو خيرِهم الحاصلِ في الجماعة.

قوله: (فَإِنَّ فِيهِمُ) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكُشْمِيهَني: (فَإِنَّ مِنْهُمُ).

قوله: (الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ) المراد بالضعيف هنا: ضعيف الخلقة، والسقيم: من به مرض. زاد مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد: ((والصغير والكبير)). وزاد الطبراني في حديث عثمان بن أبي العاص: ((والحامل والمرضع) وله من حديث عَدي بن حاتم: ((والعابرُ السبيل)). وقوله في حديث أبي مسعود الماضي: (وَذَا الحَاجَةِ) هي أشمل الأوصاف المذكورة.

قوله: (فليطول ما شاء) ولمسلم: ((فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ)) أي مخففِّاً أو مطوِّلاً، واستُدِل به على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، وهو المصحح عند بعض أصحابنا - أي الشافعية -، قال شيخُنا: وفيه نظر، لأنه يعارضهُ عمومُ قوله في حديث أبي قتادة: ((إنما التفريطُ أن يؤخِّر الصلاة حتى يدخل وقتُ الأخرى)). أخرجه مسلم. وإذا تعارضت مصلحة الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كانت مراعاةُ ترك المفسدة أولى.

واستُدِل بعموم الحديث أيضاً على: جوازِ تطويل الاعتدال والجلوسِ بين السجدتين.

وإنما جُعِل أمرُ المصلي في التطويلِ وغيرِه راجعاً إليه لأنه يعلم من نفسه ما لا يعلم من غيره، وقد ذكر الرب جل جلاله الأعذار التي من أجلها أسقط فرض قيام الليل عن عباده فقال: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: ٢٠] الآية، فينبغي للإمام التخفيفُ مع الكمال في الأركان، ألا ترى أنه - عليه السلام - قال للذي لم يتم ركوعه ولا سجوده: ((ارجع فصل فإنك لم تصل) وقال عليه السلام: ((لا تجزِئ صلاة من لا يُقيم ظهرَه في الركوع والسجود)).

وممن كان يخفف الصلاة من السلف أنس بن مالك، قال ثابت: صليت معه العتمة فتَجَوَّز ما شاء الله. وكان سعد إذا صلى في المسجد خفف الركوع والسجود وتجَوَّزَ، وإذا صلى في بيته أطال الركوع والسجود والصلاة، فقيل له؟ فقال: إِنَّا أئمةٌ يُقتدَى بنا، وصلى الزبير بن العوام صلاةً خفيفةً فقيل له: أنتم أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أخفُّ الناس صلاةً؟ فقال: إنَّا نبادر هذا الَوسواس. وقال عمار: احذِفُوا (١) هذه الصلاة قبل وسوسة الشيطان. وكان أبو هريرة يتم الركوع والسجود ويتَجَوَّز، فقيل له: هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم وأجوزُ. وقال عمرو بن ميمون: لما طُعِنَ عُمر رضي الله عنه تقدم عبدُ الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، فقرأ بأخصر سورتين في القرآن: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١]. وكان إبراهيم يخفف الصلاة ويتم الركوع والسجود، وقال أبو مِجلَز: كانوا يتمون ويتجوزون ويبادرون الوسوسة. ذكر هذه الآثارَ ابن أبي شيبة في «مصنفه».

(٦٣) (بَابُ مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ)

أي هذا باب ترجمته: من شكا إمامه إذا طول عليهم الصلاة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ) أي بضم الهمزة وفتح السين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره دال مهملة، ووقع


(١) في (الأصل) : ((أجدوا))، والصواب: ((احذفوا)).

<<  <   >  >>