في موضع آخر منه: قال ابن السكن: كلُّ ما في كتاب البخاري عن إِسْحاق غير منسوب فهو ابن راهويه، قال شيخنا: ولم يقع منسوبًا في شيء من الروايات، واستدلَّ الغسَّاني على أنَّه ابن مَنْصور بأن مسلمًا روى عن إِسْحاق بن مَنْصور عن حبَّان بن هلال حديثًا غير هذا. قال شيخنا: ورأيت في رواية أبي علي الشَّبُّوِيِّ عن الفربري في باب البيعان بالخيار: حدَّثنا إِسْحاق بن منصور، حدَّثنا حبَّان بن هلال، فذكر حديثًا، فهذه القرينة أقوى من القرينة الَّتي في رواية مسلم. وقال العَيني: الأصحُّ إنَّه إِسْحاق بن منصور. انتهى.
قوله:(حَدَّثَنَا حَبَّانُ) أي بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، ابن هلال الباهلي، مات سنة ست عشرة ومائتين.
قلت: فائدة يعرف بها الفتح والكسر في الحاء من حبَّان، قال شيخنا في المقدِّمة: حِبَّان بالكسر وباء موحَّدة مثقَّلة، حِبَّان بن موسى، وأحمد بن سُفْيان بن حِبَّان القطَّان، وهما من شيوخ البخاري، وأما حِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان بن العَرِقَة فلهما ذكر بلا رواية، وبفتح الحاء واسع بن حَبَّان، وابن أخيه محمَّد بن يحيى بن حَبَّان، وحَبَّان بن هلال، ومن عدا هؤلاء بالياء المُثَنَّاة من تحت، وكلُّ ما فيه أبو حيَّان، فهو بالياء المُثَنَّاة من تحت. انتهى.
قوله:(قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ مِثْلَهُ) أشار البخاري بهذا أيضًا بأنَّ شيخ أبي جَمْرَة هو أبو بكر بن عبد الله بن قيس، وهو أبو موسى الأشعري ردًّا على من زَعَمَ إنَّه ابن عُمارة رُؤَيبة، وقد ذكرنا أنَّ حديث عُمارة أخرجه مسلم وغيره، فظهر من هذا أنَّهما حديثان، أحدهما عن أبي موسى والآخر عن عُمارة بن رُؤَيبة، قال شيخنا: فاجتمعت الروايات عن همام، بأن شيخ أبي جمرة هو أبو بكر بن عبد الله بخلاف من زَعَمَ إنَّه عن عُمارة، وحديث عُمارة أخرجه مسلم وغيره من طرق عن أبي بكر بن عُمارة عن أبيه، لكن لفظه:(لَنْ يَلِجَ النَّار أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وهذا اللَّفظ مغاير للفظ حديث أبي موسى وإن كان معناهما واحدًا، فالصَّواب أنَّهما حديثان.
قوله:(مِثْلَهُ) أي مثل الحديث المذكور، ويروى: بمثله بزيادة الباء.
(٢٧)(بَاب وَقْتِ الفَجْرِ) أي هذا باب في بيان وقت صلاة الفجر، قال شيخنا: ذكر فيه حديث (تَسَحَّرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم) من وجهين عن أَنَس، فأمَّا رواية همَّام عن قَتَادَة، فهي عن أَنَس، أنَّ زيد بن ثابت حدَّثه، فجعله من مسند زيد بن ثابت، ووافقه هشام عن قتادة، كما سيأتي في الصيام، وأما رواية سعيد: وهو ابن أبي عروبة عن قَتَادَة عن أنس: (أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا) وفي رواية السَّرَخْسي والمُسْتَمْلي «تَسَحَّرُوا» فجعله من مسند أَنَس، وأمَّا قوله:«تَسَحَّرُوا» بصيغة الجمع فشاذَّة، قلت: وستأتي تتمَّة لهذا من كلام