للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أذَّن مرَّة في السَّفر وعزاه للتِّرْمِذي وقوَّاه، ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه التِّرْمِذي ولفظه: ((فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ)) فعرف أنَّ في رواية التِّرْمِذي اختصارًا، وأنَّ معنى قوله: ((أَذَّنَ)) أمر بلالًا به، كما يقال: أعطى الخليفة العالم الفلاني ألفًا، وإنَّما باشر العطاء غيره، ونسب للخليفة لكونه أمر به.

ومن أغرب ما وَقَعَ في بدء الأذان، ما رواه أبو الشيخ بسند مجهول عن عبد الله بن الزُّبَيْر قال: ((أُخِذَ الأَذَانُ مِنْ أَذَانِ إِبْرَاهيمَ عَلَيهِ السَّلَام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ} [الحج: ٢٧] الآية. قَالَ: فَأَذَّنَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم)) وما رواه أبو نُعَيم، في «الحلية» بسند فيه مجاهيل: ((أَنَّ جِبْرِيلَ نَادَى بِالأَذَانِ لِآدَمَ حِينَ أُهْبِطَ مِنَ الجَنَّةِ)).

الثانية: قال الزَّين بن المنيِّر: أعرض البخاري عن التصريح بحكم الأذان، لعدم إيضاح الآثار الواردة فيه عن حكم معين، فأثبت مشروعيته وسَلِمَ من الاعتراض. وقد اختلف في ذلك، ومنشأ الاختلاف أن مبدأ الأذان لما كان عن مشورة أوقعها النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أصحابه، حتَّى استقر برؤيا بعضهم فأقره، كان ذلك بالمندوبات أشبه، ثمَّ لما واظب على تقريره ولم ينقل إنَّه تركه، ولا رخص في تركه، كان ذلك بالواجبات أشبه. انتهى. وسيأتي بقيَّة الكلام على ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى.

٦٠٣ - قوله: (حَدَّثَنَا عِمْران بنُ مَيْسَرَةَ) أي ضدُّ الميمنة، وقد تقدَّم، قلت: ترجمته في باب رفع العلم.

قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) أي ابن سعيد التَّنُّوْري، ترجمته في باب قول النَّبِيِّ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ) أي الحذَّاء، كما ثبت في رواية كريمة، ترجمته في الباب أيضًا.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) أي -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجَرْمي، ترجمته في باب حلاوة الإيمان.

قوله: (عَنْ أَنَسٍ) أي ابن مالك، ترجمته في باب من الإيمان أن يحبَّ.

في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول في موضعين، وفيه أن شيخ البخاري من أفراده، وفيه أنَّ رواته بصريُّون.

قوله: (قَالَ: ذَكَرُوا النَّار وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ).

مطابقته للترجمة من حيث إن بدء الأذان كان بأمر النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بلالًا، لأنَّهم كانوا يصلُّون قبل ذلك في أوقات الصَّلوات بالمناداة في الطرق الصَّلاة الصَّلاة، والدليل عليه: حديث أَنَس رضي الله عنه، أيضًا رواه أبو الشيخ ابن حبَّان في كتاب الأذان، تأليفه من حديث عطاء بن ميمونة عن خالد عن أبي قِلابة عن أَنَس رضي الله عنه: ((كَانَتِ الصَّلاة إِذَا حَضَرَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم، سَعَى رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ فَيُنادِي: الصَّلاة الصَّلاة، فَاشْتَدَّ ذَلِك على النَّاس، فَقَالُوا: لَو اتَّخَذْنَا نَاقُوسًا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم: ذَلِكَ لِلنَّصَارَى، فَقَالُوا: لَو اتَّخَذْنَا بوقًا، فَقَالَ: ذَاكَ للْيَهُودِ، فَقَالُوا: لَو رَفَعْنَا نَارًا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم: ذَاكَ لِلْمَجوسِ، فَأُمِرَ بِلَالٌ...)) الحديث.

وعند الطَّبَرَاني من هذه الطريق: ((فأَمَرَ بِلَالًا) فإن قلت: قد أخرج التِّرْمِذي في ترجمة بدء الأذان،

<<  <   >  >>