وقد قال قوم: يكون ما أدرك في الوقت أداء وبعده قضاء، وقيل: يكون كذلك لكنَّه يلتحق بالأداء حكمًا والمختار أنَّ الكلَّ أداء.
لطيفة: أورد المُصَنِّف في باب من أدرك من العصر طريق أبي سلمة عن أبي هريرة، وفي هذا الباب طريق عطاء بن يسار ومن معه عن أبي هريرة، لأنَّه قدَّم في طريق أبي سلمة ذكر العصر، وقدَّم في هذا ذكر الصُّبح، فناسب أن يذكر في كلِّ منها ما قدَّم، لما يشعر به التقديم بالاهتمام؛ والله الهادي للصواب. انتهى.
قلت: وفيه لطيفة أخرى، وهو تقديم العصر على الصُّبح في فعل جبريل عليه السلام، فناسب أن يذكر في ذلك الباب الحديث الذي فيه تقديم العصر على الصُّبح، وذكر ههنا ما فيه تقديم الصُّبح على العصر، لأنَّ الصُّبح أوَّل الصَّلوات النَّهاريَّة، ولعلَّ هذا هو السِّرُّ في كونه عليه السَّلام قدَّم هذا مرَّة وهذا مرَّة، على تقدير أن يكون ذلك القول وَقَعَ منه في زمنين، فإن لم يكن ففيه إشارة لأحد المعنيين، فإن كان المقدَّم العصر فلأنَّه الأوَّل من فعل جبريل، وإن كان الصُّبح فلأنه أوَّل صلوات النَّهار، والله أعلم. انتهى.
(٢٩) (بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً) أي هذا باب في بيان حكم من أدرك من الصَّلاة ركعة؛ وقال الكِرْماني: الفرق بين البابين أعني هذا الباب والذي قبله، أن الأوَّل فيمن أدرك من الوقت قدر ركعة، وهذا فيمن أدرك من نفس الصَّلاة ركعة، قال العَيني: ذلك الباب أخصُّ، وهذا الباب أعمُّ لأنَّ قوله: (مِنَ الصَّلَاةِ) يشمل الصَّلوات الخمس، وأورد البخاري في الباب السَّابق عن عطاء ومن معه عن أبي هريرة، وأورد في هذا الباب عن سلمة عن أبي هريرة، وكذا باب من أدرك من العصر عن سلمة عن أبي هريرة، والأحاديث الثلاثة عن أبي هريرة، والرواية مختلفة، ولما كان ذكر العصر مقدَّمًا على الصُّبح في حديث باب من أدرك من العصر، قال في الترجمة باب من أدرك من العصر، وفي الباب السَّابق لما كان ذكر الصُّبح مقدَّمًا في الحديث الذي فيه، قال في الترجمة: باب من أدرك من الفجر، فراعى المناسبة في التقديم والتأخير، وكذلك في هذا الباب لما كان ذكر الصَّلاة غير مقيَّدة بشيء.
ذكر الترجمة بقوله: (بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصّلَاةِ) وهذه نكتة مليحة تدلُّ على إمعان نظره في التصرُّفات.
٥٨٠ - قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ) أي التِّنِّيسي، ترجمته في بدء الوحي.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ) أي الإمام، ترجمته فيه أيضًا.
قوله: (عَنِ ابنِ شِهَاب) أي محمَّد بن مسلم، ترجمته فيه أيضًا.
قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أي ابن عَوْف، ترجمته فيه أيضًا.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أي عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه، ترجمته في باب أمور الإيمان.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضع، وفيه الإخبار كذلك، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع.
قوله: (أنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاة فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ). مطابقته للترجمة ظاهرة.
قال العَيني: قد ذكرنا في باب