والسواري جمعُ سَاريةٍ، وقال ابن الأثير: الساريةُ الأُسطوانةُ، وذكره الجوهري في بَابِ سَرَا، ثمَّ ذكر فيه المادَّة الواويَّة والمادَّة اليائيَّة، قال العَيني: والظاهر أنَّ السارية من ذوات الياء.
وهذا الذي علَّقه البخاري وصله أبو بكر بن أبي شَيْبَة والحميديُّ من طريق همدانَ بريدِ عُمَر رضي الله عنه، أي رسوله إلى أهل اليمن، عن عُمَر به، وهَمْدان بفتح الهاء وسكون الميم، وبالدال المهملة.
قوله: (المُصَلُّونَ أَحَقُّ) وجه الأَحقيَّة: أنَّ المصلِّين والمتحدثين مشتركان في الحاجة إلى السارية؛ المتحدِّثون إلى الاستناد، والمصلُّون لجعلها سترة، لكن المصلِّين في عبادة فكانوا أحقَّ.
قوله: (المتَحَدِّثِينَ) أي المتكلِّمين.
قوله: (وَرَأَى ابنُ عُمَرَ) أي عبد الله بن عُمَر بن الخطَّاب، ترجمته في كتاب الإيمان، وقد وَقَعَ بإثبات <ابنُ> في رواية أبي ذرٍّ والأَصِيلي وغيرهما، وعند البعض: (رَأَى عُمَرَ) بحذف (ابن)، قال شيخنا: وهو أشبه بالصواب؛ فقد رواه ابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفه» من طريق معاوية بن قرَّة بن إياس المزني عن أبيه، وله صحبة، قال: رآني عُمَر وأنا أصلِّي، فذكرَ مثلَه سواء، ولكن زاد: فأَخَذَ بِقَفاي، وعُرِفَ بذلك تسمية المبهم المذكور في التعليق، قال العَيني: رواية الأكثر أشبه بالصواب، مع احتمال أن يكون قضيتان: إحداهما عن عمر، والأخرى عن ابنه، ولا مانع لذلك، قال وقال هذا القائل - يعني شيخنا -: وعُرِفَ بذلك... إلى آخره. قلت: هذا إنَّما يكون إذا تحقق اتِّحاد القضيَّة. انتهى.
قوله: (فَأَدْنَاهُ) أي قرَّبه، من الإدناء وهو التقريب، وادَّعى ابن التِّين: إنَّ عُمَر إنَّما كره ذلك لانقطاع الصفوف، وقيل: أراد بذلك أن تكون صلاته إلى سترة، قال شيخنا: وأراد البخاري بإيراد أثر عُمَر هذا أنَّ المراد بقول سلمة: (يَتَحَرَّى الصَّلاة عِنْدَهَا) أي إليها، وكذا قول أنس: (يَبْتَدِرُوْنَ السَّوَارِيَ) أي يصلُّون إليها.
٥٠٢ - قوله: (حَدَّثَنَا المَكِّيُّ) أي ابن إبراهيم، ترجمته في باب من أجاب الفيتا بإشارة اليد.
قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ) أي سَلَمَة بن الأكوع، ترجمته في باب إثم من كذبَ على النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله: (قَالَ: كُنْتُ آتي مَعَ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ) ترجمته في الباب أيضًا.
في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه القول، وفيه أنَّه من ثلاثيات البخاري رحمه الله. قال شيخنا: وهذا ثالث ثلاثيٍّ للبخاري، وقد ساوى فيه البخاريُّ شيخَه أحمد بن حنبل؛ فإنه أخرجه في «مسنده» عن مكِّي بن إبراهيم. انتهى.
قوله: (فَيُصَلَّي عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتي عِنْدَ المُصْحَفِ. فَقُلْتُ: يَا بَا مُسْلِمٍ، أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاة عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ؟ قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم يَتَحَرَّى الصَّلاة عِنْدَهَا).
مطابقتُه للترجمة في قوله: (فيُصَلِّي عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ)، وقوله: (يَتَحَرَّى الصَّلاة عِنْدَهَا) هذا الحديث أخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن أبي موسى عن مكِّي به، وعن إِسْحاق