إنَّه أبو مُقْبِل عامر بن قيس الأنصاري، ذكره مقاتل في «بوادر التفسير»، وقال: هو الذي نزل فيه {وأَقِمِ الصَّلَاةَ} [هود: ١١٤].
الخامس: هو نبهان التَّمَّار، وذكر الثَّعْلَبي: أنَّ نبهان لم ينزل فيه إلَّا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [آل عمران: ١٣٥] الآية.
السادس: إنَّه عبَّاد، ذكره القُرْطُبي في تفسيره. انتهى.
قوله: (أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ) قال شيخنا: لم أقف على اسم المرأة المذكورة، ولكن جاء في بعض الروايات إنَّها من الأنصار.
قوله: (فَأَتَى النَّبِيَّ) أي أتى الرجل النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم فأخبره بما أصابه.
قوله: (فَأَنزَلَ اللهُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [هود: ١١٤]) يشير بهذا إلى أنَّ سبب نزول هذه الآية في أبي اليسر المذكور.
وفي «تفسير ابن مردويه» عن أبي أمامة: ((أنَّ رجلًا جاءَ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، أقمْ فيَّ حدَّ اللهِ، مرَّةً أو مرَّتين، فأعرضَ عنهُ، ثمَّ أُقيمتِ الصلاةُ، فأنزلَ اللهُ تعالى الآيةَ)).
وروى أبو علي الطوسي في «كتاب الأحكام» من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ رضي الله عنه قال ولم يسمع منه: ((أتى النَّبِيَّ عليه السَّلام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلًا لقي امرأة وليس بينهما معرفة، فليس يأتي الرجل شيئًا إلى امرأته إلَّا قد أتاه إليها إلَّا أنَّه لم يجامعها، فأنزل الله الآية، فأمره أن يتوضَّأ ويصلِّي، قال معاذ: فقلت: يا رسول الله، أهي له خاصَّة أم للمؤمنين عامَّة؟ قال: بل للمؤمنين عامَّة)).
وروى مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ((يا رسول الله، إنِّي عالجتُ امرأةً في أقصى المدينةِ، وإنِّي أصبت منها ما دون أن أمسّها، فأنا هذا فاقض فيَّ بما شئتَ، فقالَ عُمَر رضي اللهُ عنه: لقدْ ستركَ اللهُ لو سترتَ على نفسِك، ولمْ يردَّ عليه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم شيئًا، فانطلقَ الرجلُ فأتبعه رجلًا فتلا عليه هذه الآية)).
قوله: ({طَرَفَي النَّهَارِ} [هود: ١١٤]) قال القُرْطُبي: طرفا النَّهار: الغداة والعَشي، وقال ابن عبَّاس: يعني صلاة الصُّبح وصلاة المغرب، وقال مجاهد: صلاة الفجر وصلاة العشي، وقال الضَّحَّاك: الفجر والعصر، وقال مقاتل: صلاة الفجر والظُّهر طرف، وصلاة المغرب والعصر طرف. وانتصاب (طرفي النَّهار) على الظَّرف؛ لأنَّهما مضافان إلى الوقت كقولك: أقمت عنده جميع النَّهار، وهذا على إعطاء المضاف حكم المضاف إليه.
قوله: ({وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: ١١٤]) صلاة العتمة، وقال الحسن: هما المغرب والعشاء، وقال الأَخْفَش: يعني صلاة اللَّيل، وقال الزَّجَّاج: معناه الصَّلاة القريبة من أوَّل اللَّيل.
والزُلَف: جمع زُلفة، وقراءة الجمهور: بضمِّ الزاي وفتح اللَّام، وقرأ أبو جعفر: بضمِّها، وقرأ ابن مُحَيصِن: بضمِّ الزَّاي وجزم اللَّام، وقرأ مجاهد: {زُلْفَى} مثل قُرْبى، وفي «المحكم» : زلف اللَّيل: ساعات من أوَّله، وقيل: هي ساعات اللَّيل الأخيرة من النَّهار، وساعات النَّهار الأخيرة من اللَّيل. وفي «جامع القزَّاز» : الزلفة القربة من الخير والشَّرِّ.
وانتصاب (زُلَفًا) على أنَّه عطف على الصَّلاة، أي أقم الصَّلاة طرفي النَّهار، وأقم زلفًا من اللَّيل.
قوله: ({إِنَّ الحَسَنَاتِ} [هود: ١١٤]) قال القُرْطُبي: لم يختلف أحد من أهل التأويل أنَّ الصَّلاة في هذه الآية يراد بها الفرائض.
قوله: