للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي يتوسل بها. انتهى

قوله: (والفَضيلة) أي: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون الفضيلة منزلةً أخرى، قال شيخنا: أو تكون تفسيراً للوسيلة.

قال العيني: لا إيهام في الوسيلة مع أنها بُينت في الحديث الذي روي عن عبد الله بن عمرو. انتهى

قلت: كلام العيني هذا يشعر بأنه لا يفسر إلا المبهم، وليس كذلك. انتهى

قوله: (مَقاماً مَحمُوداً) نصب على الظرفية، أي: ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاماً محموداً، أو على أنه مفعول به، أو ضمن ابعثه معنى أقمه، ومعنى ابعثه أعطه، ويجوز أن يكون حالاً، أي: ابعثه ذا مقام محمود. قال النووي: ثبتت الرواية بالتنكير، وكأنه حكاية للفظ القرآن، وقال الطيبي: إنما نكره لأنه أفخم وأجزل، كأنه قيل: مقاماً أي مقام محموداً بكل لسان، وقد جاء في هذه الرواية بعينها من رواية علي بن عياش شيخ البخاري فيه المقام المحمود بالألف واللام عند النسائي، وهو في «صحيح ابن خزيمة» و «ابن حبان» أيضاً، وفي «الطحاوي» والطبراني في «الدعاء» والبيهقي، وفيه تعقب على من أنكر ذلك كالنووي، قال ابن الجوزي: الأكثر على أن المراد بالمقام المحمود: الشفاعة. وقيل: إجلاسه على العرش. وقيل: على الكرسي، وقد حكى كُلّاً من القولين جماعة، وعلى تقدير الصحة لا ينافي الأول؛ لاحتمال أن يكون الإجلاس علامة الإذن في الشفاعة، ويحتمل أن يكون المراد بالمقام المحمود الشفاعة، وأن يكون الإجلاس هي المنزلة المعبر عنها بالوسيلة أو الفضيلة، وقيل: معناه: الذي يحمده القائم فيه وكلُّ مَن رآه وعرفه، وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات. وعن ابن عباس: مقام يحمدك فيه الأولون والآخرون، وتشرف فيه على جميع الخلائق، تسأل فتُعطي، وتشفع فتشفع، ليس أحد إلا تحت لوائك. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي)).

ووقع في «صحيح ابن خزيمة» من حديث كعب بن مالك مرفوعاً: ((يبعث الله الناس فيكسوني حُلَّة خضراء، فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود)) ويظهر أن المراد بالقول المذكور هو الثناء الذي يقدمه بين يدي الشفاعة، ويظهر أن المقام المحمود هو مجموع ما يحصل له في تلك الحالة.

ويشعر قوله في آخر الحديث: (حلَّت له شفاعتي) بأن الأمر المطلوب له الشفاعة، والله أعلم.

قوله: (الَّذِي وَعَدتَهُ) زاد في رواية البيهقي: ((إنك لا تخلف الميعاد)) قال الطيبي: المراد بذلك قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢] وأطلق عليه الوعد؛ لأن عسى من الله واقع لا محالة كما صح عن ابن عيينة وغيره، وليس على بابه في حق الله تعالى. فإن قلت: قد وعده الله المقام المحمود وهو لا يخلف الميعاد، فما الفائدة في دعاء الأمة بذلك؟ قال العيني: إما لطلب الدوام والثبات، وإما للإشارة إلى جواز دعاء الشخص لغيره والاستعانة بدعائه في حوائجه، ولا سيما من الصالحين انتهى

قلت: وأيضاً فقد أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، فإن عجزنا عن مكافأته دعونا له، ولما عجزنا عن مكافأة سيد الأولين والآخرين أُمرنا أن ندعو

<<  <   >  >>