للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه كان لا يصلِّي في الفضاء إلَّا والعَنَزَة أمامه. ثمَّ أيَّد ذلك بحديثي ابن عُمَر وأبي جُحَيفة وفي حديث ابن عُمَر ما يدلُّ على المداومة، وهو قوله بعد ذكر الحربة: ((وكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَفَرِ))، وقد تبعه النَّوَوي في «شرح مسلم» في كلامه على فوائد هذا الحديث فيه أنَّ سترة الإمام سترة لمن خلفه، والله أعلم. انتهى.

(بَابٌ) في قَوْلِهِ - يعني شيخنا -: في الاستدلال بهذا نظر؛ لأنَّه ليس فيه أنَّه عليه السَّلام صلَّى إلى سترة، وقد بوَّب عليه البَيْهَقي: بابُ منْ صَلَّى إلى غيرِ سُتْرَةٍ، قلت: دليله لا يساعد نظره؛ لأنَّه لم يقف على دقَّة الكلام، والبَيْهَقي أيضًا لم يقف على هذه النُّكتة، والبخاري دقَّق نظره فأورد هذا الحديث في هذا الباب للوجه الذي ذكرناه على أنَّ ذلك معلوم من حال النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: وهذا الحديث بعينه بهذا الإسناد قد تقدَّم في كتاب العلم في باب متى يصحُّ سماع الصَّغير، غير أنَّ هناك شيخه إسماعيل عن مالك وههنا عبد الله بن يوسف عنه، وهناك (حَدَّثَنِي مَالِكٌ)، وههنا (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ)، وهناك (فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ) على صيغة المجهول مع طيِّ ذكر الفاعل، وههنا على صيغة المعلوم، والفاعل هو قوله: (أَحَدٌ)، وقد ذكرنا مباحث هذا الحديث هناك مستوفاة.

قال شيخنا قوله: (نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ) أي قاربته، وقد ذكرت الاختلاف في قدر عمره في باب تعليم الصِّبيان من كتاب فضائل القرآن، وفي كتاب الاختتان بعد الكبر من كتاب الاستئذان، وتوجيه الجمع بين المختلف من ذلك وبيان الرَّاجح من الأقوال ولله الحمد.

قوله: (يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنَى) كذا قال مالك وأكثر أصحاب الزُّهْري، ووَقَعَ عند مسلم من رواية ابن عُيينة: ((بِعَرَفَةَ)) قال النَّوَوي: يحمل ذلك على أنَّهما قضيِّتان، وتعقِّب بأنَّ الأصل عدم التعدُّد ولا سيِّما مع اتِّحاد مخرج الحديث، فالحقُّ أن قول ابن عُيَيْنَة: ((بِعَرَفَةَ)) شاذٌّ، ووَقَعَ عند مسلم أيضًا من رواية مَعمَر عن الزُّهْري وذلك في (حَجَّةِ الوَدَاعِ) أو (الفَتْحِ) وهذا الشكُّ من مَعمَر لا يُعَوَّل عليه، والحقُّ أنَّ ذلك كان في (حَجَّةِ الوَدَاعِ).

قوله: (بَعْضُ الصَّفِ) زاد المُصَنِّف في الحَجِّ من رواية ابن أخي ابن شِهَاب عن عمِّه: ((حَتَّى سِرْتُ بينَ يَدَي بَعْضِ الصَّفِ الأَوَلِ)). انتهى.

وهو يعيِّن أحد الاحتمالين الذي ذكرناهما في كتاب العلم.

قوله: (فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ) قال ابن دقيق العيد: استدلَّ ابن عبَّاس بترك الإنكار على الجواز، ولم يستدلَّ بترك إعادتهم للصلاة؛ لأنَّ ترك الإنكار أكثر فائدة.

قال شيخنا: وتوجيهه أنَّ ترك الإعادة يدلُّ على صحَّتها فقط لا على جواز المرور وصحَّة الصَّلاة معًا، ويستفاد منه

<<  <   >  >>