للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مولى ابن عمر، ترجمته في بابِ العلم والفتيا في المسجد.

قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ) أي ابن عُمَر رضي الله عنهما، ترجمته في كتاب الإيمان.

في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه أنَّ شيخ البخاري من أفراده.

قوله: (كَانَ إِذا دَخَلَ الكَعبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجهِهِ حِينَ يَدخُلُ جَعَلَ البابَ قِبَلَ ظَهرِهِ، فَمَشَى حتَّى يَكُونَ بَينَهُ وَبَينَ الِجدارِ الَّذِيِ قِبَلَ وَجهِهِ قَريبًا مِن ثَلاثَةِ أَذرُعٍ صلَّى يَتَوَخَّى المكَانَ الَّذِي أَخبَرَهُ بِهِ بِلالٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيْهِ، قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأسٌ إِنْ صَلَّى فِي أَيِّ نَواحِي البَيتِ شَيئًا).

مطابقته للترجمة بطريق الاستلزام، وهو أنَّ الموضع المذكور من كونه مقابلًا للباب قريبًا من الجدار يستلزم كون صلاته بين السَّواري.

قوله: (قِبَلَ وَجْهِهِ) -بكسر القاف وفتح الباء الموحَّدة- أي مقابل وجهه، وكذلك الكلام في (قِبَلَ ظَهْرِهِ) وفي (قِبَلَ وَجهِهِ) الذي بعده.

قوله: (قَرِيْبًا) كذا وَقَعَ بالنصب، ويروى بالرَّفع، وهو الأصل؛ لأنَّه اسم كان، ووجه النَّصب أن يكون اسمه محذوفًا، والتقدير: يكون القدر أو المكان قريبًا من ثلاثة أذرع، ولفظة: (ثَلاثَةِ) بالتأنيث في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذرٍّ: <مِنْ ثَلَاثِ أَذْرُعٍ> بلا تاء، فإن قلت: الذِّراع مذكَّر، فما وجه ترك التَّاء؟ قال العَيني: أجاب بعضهم: أنَّ الذِّراع يُذكَّر ويُؤنَّث، وليس كذلك على الإطلاق بل الذِّراع الذي يذرع به يذكر وذراع اليد يُذكَّر ويُؤنَّث، وههنا شبَّهه بذراع اليد.

قوله: (صَلَّى) جملة استئنافيَّة.

قوله: (يَتَوَخَّى) أي يتحرَّى (١)، يقال: توخَّيت مرضاتِك، أي تحرَّيت وقصدتُ.

قوله: (قَالَ) أي ابن عُمَر رضي الله عنهما.

قوله: (إِنْ صَلَّى) بكسر الهمزة، و (صَلَّى) بلفظ الماضي، وفي رواية الكُشْمِيهَني: <أَنْ يُصَلِّي> بفتح الهمزة ولفظِ المضارع، والتقدير: ولا بأس مِن أن يصلِّي، وحذفُ حرفِ الجرِّ سائغٌ.

قال شيخنا: ومراد ابن عُمَر: إنَّه لا يشترط في صحَّة الصَّلاة في البيت موافقةُ المكان الذي فيه النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بل موافقة ذلك أولى وإن كان يحصل الغرض بغيره. انتهى.

فيه جواز الصَّلاة في نفس البيت، وفيه الدُّنو من السترة، وقد أمر الشَّارع بالدُّنوِّ منها؛ لئلَّا يتخلَّل الشَّيطان ذلك. وفيه أنَّ السترة بين المصلِّي والقبلة ثلاثة أذرع، وادعى ابن بطَّال: أنَّ الذي واظب عليه الشَّارع في مقدار ذلك (ممُرُّ الشَّاةِ) كما جاء في الآثار. وفيه إنَّه لا يشترط، وقد ذكرنا: أنَّ الحديث لا يدلُّ صريحًا على الصَّلاة بين السَّواري، وإنَّما دلالته على ذلك بطريق الاستلزام، وقد بيَّناه.

وقد اختلف السَّلف في الصَّلاة بين السَّواري: فكرهه أَنَس بن مالك؛ لورود النَّهي بذلك، رواه الحاكم وصحَّحه، وقال ابن مسعود: لا تصفُّوا بين الأساطين وأتمُّوا الصُّفوف. وأجازه الحسن وابن سيرين، وكان سعيد بن جُبَير وإبراهيمُ التَّيمي وسُوَيد بن غَفَلَة يؤمُّون قومَهم بين الأساطين، وهو قول الكوفيين. وقال مالك في «المدونة» : لا بأس بالصَّلاة بينها لضيق المسجد. وقال ابن حبيب: ليس النَّهي عن تقطيع الصُّفوف إذا ضاق المسجد، وإنما نُهي عنه


(١) في المخطوط: ((يتحرك)) والصَّواب ما أثبت.

<<  <   >  >>