للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

موضع، وبصيغة الإفراد من الماضي في موضع، وفيه العنعنة في موضع، وفيه القول في أربع مواضع، وفيه رواية الابن عن أبيه بذكر اسمه وهو قوله: قال سالم أخبرني عبد الله، فإنَّ سالمًا هو ابن عبد الله، وشيخه هنا هو أبوه عبد الله بن عمر، وفيه أنَّ رواته ما بين مروزي وأيلي ومدني، وفيه رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابي.

قوله: (قَالَ: صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً صَلَاةَ العِشَاءِ، وَهِيَ الَّتي يَدْعُو النَّاس العَتَمَةَ، ثمَّ انْصَرَفَ فَأَقبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَرأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ رَأسَ مائة سَنَةٍ فِيْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ)، مطابقته للترجمة ظاهرة، فإن فيه ذكر العشاء والعتمة.

هذا الحديث أخرجه البخاري في باب السَّمر بالعلم عن سعيد بن عُفَير عن اللَّيث عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شِهاب هو الزُّهْري عن سالم وأبي بكر بن سُلَيمان بن أبي حَثْمَة، أنَّ عبد الله بن عُمَر قال: ((صَلَّى لَنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: أَرَأَيْتُكُمْ)) الحديث، وأخرجه عن أبي اليمان عن شُعَيب عن الزُّهْري، وأخرجه مسلم في الفضائل عن عبد الله بن عبد الرحمن عن شُعَيب به، وعن أبي رافع، وعند ابن حُمَيْد عن عبد الرزَّاق عن مَعمَر.

قوله: (صَلَّى لَنَا) أي لأجلنا؛ إذ اللام بمعنى الباء، وقد رُوي: <صَلَّى بِنَا>، ومعنى اللام: صلَّى إمامًا لنا، وإلَّا فالصلاة لله لا لهم.

قوله: (لَيْلَةً) أي في ليلة من اللَّيالي.

قوله: (وَهِيَ الَّتي يَدْعُو النَّاس العَتَمَةَ) فيه إشعار بغلبة هذه التسمية عند النَّاس ممن لم يبلغهم النَّهي، وأما من عرف النَّهي عن ذلك يحتاج إلى ذكره لقصد التعريف، وقد مرَّ نظيره في حديث أبي بَرزَة في قوله: وكان يستحبُّ أن يؤخُّر من العشاء الَّتي يدعونها النَّاس العتمة. قال شيخنا: وقد تقدَّم الكلام على متن الحديث في باب السَّمر في العلم.

قوله: (ثُمَّ انْصَرَفَ) قال العَيني: أي من الصَّلاة.

قوله: (أَرَأَيْتَكُمْ) بفتح الرَّاء [وتاء] (١) الخطاب.

قوله: (فَإِنَّ رَأْسَ) وفي رواية الأَصِيلي: <فإنَّ على رأسِ مائة سنة>.

قوله: (مِنْهَا) أي من تلك اللَّيلة.

قوله: (لَا يَبْقَى) خبر إنَّ، والتقدير: لا يبقى عنده أو فيه، وقال النَّوَوي: المراد أنَّ كلَّ من كان تلك الليلة على الأرض لا يعيش بعدها أكثر من مائة سنة، سواء قلَّ عمره بعد ذلك أو لا، وليس فيه نفي بعيش أحد بعد تلك اللَّيلة فوق مائة سنة، وقال ابن بطَّال: إنَّما أراد رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ هذه المدَّة تخرم الجيل الذي هم فيه، فوعظهم بقصر أعمارهم وأعلمهم أنَّ أعمارهم ليست كأعمار من تقدَّم من الأمم ليجتهدوا في العبادة، وقيل: أراد النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم بالأرض البلدة الَّتي هو فيها، قال تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧] يريد المدينة.

قوله: (مِمَّنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) احتراز عن الملائكة، قال العَيني: وقد أمعنا الكلام فيه في باب السَّمر بالعلم. انتهى.

احتجَّ بهذا الحديث البخاري ومن قال بقوله على موت الخضر، والجمهور على خلافه، وقال السُّهَيلي عن أبي عُمَر بن عبد البرِّ: قد ترادفت الأخبار باجتماع الخضر بسيِّدنا رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم،


(١) وتاء: ليست في الأصل، وأضيفت من عمدة القاري لتمام المعنى.

<<  <   >  >>