للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث للترجمة من حيث إلى آخره. وهذا يؤخذ من كلامي الذي عابه. انتهى.

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في باب النَّوم قبل العشاء لمن غلب وأخرجه مسلم أيضًا بإسناد الباب ولفظ مسلم: (أعتمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةً من الليالي بصلاةِ العشاءِ وهي الَّتي تُدعى العتمةَ) قال ابن شهاب: وذُكر لي أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (وما كان لكم أن تَنْزُرُوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على الصَّلاة، وذلك حين صاح عُمَر رضي الله تعالى عنه)، قال ابن شهاب، ولا يصلَّى يومئذ إلَّا بالمدينة قال: وكانوا يصلُّون فيما بين أن يغيب الشَّفق إلى ثلث اللَّيل الأوَّل، وأخرج مسلم من حديث أمِّ كلثوم عن عائشة: (أعتمَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ذاتَ ليلةٍ حتَّى ذهبَ عامَّةُ اللَّيلِ، وحتَّى نامَ أهلُ المسجدِ ثمَّ خرجَ فصلَّى، وقالَ: إنَّه لوقتُها لولا أنْ أشقَّ على أمَّتي).

قوله: (أَعْتَمَ) : أي: دخل في العتمة، ومعناه: أخَّر صلاة العتمة، وذكر ابن سِيدَه: العتمة ثلث اللَّيل الأوَّل بعد غيبوبة الشَّفق، وقيل: عن وقت صلاة العشاء الآخرة، وقيل: هي بقيَّة اللَّيل، وفي «المصنَّف» : حدَّثنا وكيع حدَّثنا شريك عن أبي فَزارة عن ميمون بن مِهْران، قال: قلت لابن عُمَر: من أوَّل من سمَّاها العتمة؟ قال: الشيطان. قلت: هذا الأثر ذكره شيخنا في باب ذكر العشاء والعتمة لكن ذكره العَيني في هذا الباب وذكره هناك أنسب. انتهى.

قوله: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُو الإِسْلَامُ) أي: قبل أن يظهر، يعني: في غير المدينة، وإنَّما فشا الإسلام في غيرها بعد فتح مكَّة.

قوله: (حَتَّى قَالَ عُمَر رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ:) قال شيخنا: زاد المُصَنِّف من رواية صالح عن ابن شهاب في باب النَّوم قبل العشاء ((حَتَّى نَادَاهُ عُمَر الصَّلَاةَ)) وهي بالنَّصب بفعل مضمر تقديره: مثلًا صلِّ الصَّلاة وشاع هذا الحذف لدلالة السِّياق عليه.

قوله: (نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ) أي الحاضرون في المسجد لا النائمون في بيوتهم، وإنما خصَّهم بالذكر لأنَّهم مظنَّة قلَّة الصَّبر على النَّوم ومحلُّ الشَّفقة والرحمة بخلاف الرجال، وسيأتي قريبًا في حديث ابن عُمَر في هذه القصَّة حتَّى رقدنا في المسجد ثمَّ استيقظنا، ونخوه في حديث ابن عبَّاس وهو محمول على أنَّ الذي رقد بعضهم لا كلُّهم، ونسب الرقاد إلى الجميع مجازًا، قال شيخنا: وسيأتي الكلام على بقيَّة هذا الحديث في باب النَّوم قبل العشاء لمن غلب.

قوله: (مَا يَنْتَظِرُهَا) أي الصَّلاة في هذه الساعة، وذلك إما أنَّه لا تصلَّى حينئذ إلَّا بالمدينة، وإما أنَّ سائر الأقوام ليست في أديانهم صلاة في هذا الوقت.

قوله: (غَيْرُكُمْ) بالرفع: صفة لأحد، ووَقَعَ صفة للنكرة لأنَّه لا يتعرَّف بالإضافة إلى المعرفة لتوغله في الإبهام، اللهم إلَّا إذا أضيف إلى المشتهر بالمغايرة، ويجوز أن يكون بدلًا من لفظ: أحد، ويجوز أن ينتصب على الاستثناء فيه.

قوله: (أَعْتَمَ لَيْلَةً) يدلُّ على أنَّ غالب أحوال النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان تقديم العشاء. وفيه: جواز النَّوم قبل العشاء، وهو الذي بوَّب عليه البخاري: باب النَّوم قبل العشاء لمن غلب. قلت: لكن النَّوم قبلها مكروه والجواز لا ينافي الكراهة.

<<  <   >  >>