للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمَّن روى عن أبيه، وفيه: رواية التَّابعي عن التَّابعي عن الصحابيَّة، وفيه: القول في أربعة مواضع.

قوله: (قَالَتْ: أَعْتَمَ الرَّسُوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعِشَاءِ حتَّى نَادَاهُ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الصَّلاة، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ فَقَالَ: مَا يَنْتَظِرُهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ، قَالَ: وَلَا تُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إلَّا بِالمَدِيْنَةِ، قَالَ: وَكَانُوا يُصَلُّوْنَ فِيْمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيْبَ الشَّفق إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ).

مطابقته للترجمة في قوله نام النِّساء والصِّبيان فإنَّه عليه السَّلام لم ينكر على من نام من الذين كانوا ينتظرون صلاة العشاء، ولم يكن نومهم إلَّا حين غلب النَّوم عليهم.

قوله: (أَعْتَمَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قد مرَّ معناه في باب فضل العشاء لأنَّ الحديث قد تقدَّم فيه، رواه عن يحيى بن بكير عن اللَّيث عن عقيل عن ابن شهاب.

قوله: (الصَّلَاةَ) نصب على الإغراء.

قوله: (نَامَ النِّسَاءُ) من تتمَّة كلام عُمَر رضي الله عنه.

قوله: (وَلَا تُصَلَّى) على صيغة المجهول، أي: بالتاء المُثَنَّاة الفوقانيَّة المشدَّدة، ومعناه لا تصلَّى الصَّلاة بالهيئة المخصوصة بالجماعة إلَّا بالمدينة، وبه صرَّح الدَّاُودي، لأنَّ من كان بمكَّة من المستضعفين لم يكونوا يصلُّون إلَّا سرًّا، وأما غير مكَّة والمدينة من البلاد فلم يكن الإسلام دخلها.

قوله: (قَالَ) أي الرَّاوي، ولم يقل: قالت، نظرًا إلى الرَّاوي سواء كان القائل به عائشة أو غيرها.

قوله: (وَكَانُوا) أي النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه.

قوله: (بَيْنَ أَنْ يَغِيْبَ الشَّفَقُ) لا بدَّ من تقدير أجزاء المغيب حتَّى يصحَّ دخول: بين عليه، و (الشَّفَقُ) البياض دون الحمرة عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمَّد والشافعي هو: الحمرة.

قوله: (الأَوَّلِ) بالجرِّ صفة الثلث، وفي رواية مسلم عن يُونُس عن ابن شِهاب زيادة في هذا الحديث، وهي: قال ابن شِهاب: (وذكرَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: وما كانَ لكُمْ أنْ تنزرُوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للصلاةِ، وذلكَ حينَ صاحَ عُمَرُ).

قوله: (تَنْزُرُوا) -بفتح التَّاء المُثَنَّاة من فوق وسكون النُّون وضمِّ الزاي بعدها راء- أي: تلحُّوا عليه، وروي بضمِّ أوَّله بعدها باء موحَّدة ثمَّ راء مكسورة ثمَّ زاي أي: تحرجوا.

في هذا الحديث ما ذكرنا في الحديث الأوَّل في باب فضل العشاء، قال شيخنا: وفي هذا بيان الوقت المختار لصلاة العشاء لما يشعر به السِّياق من المواظبة على ذلك.

وقد ورد بصيغة الأمر في هذا الحديث عند النَّسائي من رواية إبراهيم بن أبي عبلة عن الزُّهْري ولفظه: ثمَّ قال: صلُّوها فيما بين أن يغيب الشَّفق إلى ثلث اللَّيل، وليس بين هذا وبين قوله في حديث أَنَس إنَّه أخَّر الصَّلاة إلى نصف اللَّيل معارضة لأنَّ حديث عائشة محمول على الأغلب من عادته صلَّى الله عليه وسلَّم. انتهى.

قال العَيني: فيه تذكير الإمام، وفيه إنَّه إذا تأخَّر عن أصحابه أو جرى منه ما يظنُّ إنَّه يشقُّ عليهم، يعتذر إليهم ويقول لهم: لكم فيه مصلحة من جهة كذا، وكان لي عذر ونحوه. انتهى. قلت: ليس في هذا الحديث ما يدلُّ على أنَّه اعتذر لتأخُّره. انتهى.

<<  <   >  >>