للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤمنين رضي الله عنها، ترجمتها في بدء الوحي.

في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه السماع، وفيه القول في ثلاثة مواضع؛ وفيه أن أيمن من أفراد البخاري، وفيه أن رُواته ما بين كوفي ومكِّي.

قوله: (قَالَتْ: والَّذِي ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حتَّى لَقِيَ الله، وَمَا لَقِيَ الله حتَّى ثَقُلَ عنِ الصَّلاة، وكَانَ يصلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ قاعِدًا، يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم يُصَلِّيهِمَا ولَا يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ مَخَافَةَ أنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ)؛ مطابقته للترجمة ظاهرة.

ذكر اختلاف الألفاظ في هذا الحديث وفي لفظ للبخاري: (مَا ترك السَّجْدَتَيْنِ بعد العَصْر عِنْدِي قطّ)، وفي لفظ: (رَكْعَتَانِ لم يكن يدعهما سرًا وَلَا عَلَانيَة: رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح، وركعتان بعد الْعَصْر)، وَفِي لفظ: (مَا كَانَ يأتيني فِي يَوْم بعد العَصْر إلَّا صلَّى رَكْعَتَيْنِ)، وَعند مُسلم: ((كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل العَصْرِ ثمَّ إنَّه شغل عَنْهُمَا أَو نسيهما فصلَّاهما بعد العَصْر، ثمَّ أثبتهما؛ وكَانَ إِذا صلَّى صَلَاةً أثبتها) وَعند الدَّارَقُطْني: ((كَانَ لَا يدع رَكْعَتَيْنِ قبل الفجْر وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر) وَفِي لفظ: ((دَخَلَ عَلَيْهَا بَعدَ العَصْرِ فصلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقلت: يَا رَسُول اللهِ أحدث بِالنَّاسِ شَيْء؟ فقالَ: لَا، إلَّا أَن بِلَالًا عَجَّلَ الْإِقَامَة فَلم أصلِ الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْرِ فَأَنا أقضيهما الآن؛ قلت: يَا رَسُول الله! أفنقضيهما إِذا فاتتا؟ قَالَ: لَا))؛ وقد تقدَّم آنفًا أن هذا حديث ضعيف، قال شيخنا: أخرجه الطَّحاوي واحتجَّ بها على أن ذلك كان من خصائصه صلَّى الله عليه وسلَّم وفيه ما فيه وَفِي لفظ: ((كَانَ يصلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بعد العَصْر وَينْهى عَنْهُمَا) وَفِي لفظ: ((وَلم أره عَاد لَهما) وَفي لَفظ محمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان: أَن مُعَاوِيَة أرسل إِلَيْهَا يسْأَلهَا عَن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ، فَقَالَت: لَيْسَ عِنْدِي صَلَّاهُمَا، وَلَكِنَّ أمَّ سَلمَةَ حَدَّثتنِي، فَذكره.

قوله: ((والَّذِي ذَهَبَ بِهِ) وفي رواية الإسماعيلي والبَيْهَقي: ((والذي ذَهَبَ بنفسِهِ))، أي برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، حلفت عائشة بالله على أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما ترك الركعتين بعد العصر حتَّى مات.

قوله: (ثَقُلَ) بضمِّ القاف.

قوله: (قَاعِدًا) نصب على الحال.

قوله: (مَخَافَةَ) نصب على التعليل أي لأجل المخافة، وهو مصدر ميمي بمعنى: الخوف. وكلمة: (أَنْ) في: (أَنْ يُثقِّلَ) مصدريَّة أي مخافة التثقيل على أمَّته، و (يُثقِّلَ)، بضمِّ الياء وتشديد القاف المكسورة من التثقيل، ويروى بفتح الياء وضمِّ القاف.

قول: (مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ)، أي عن أمَّته، و (يُخفِّفُ) [بضمِّ الياء] (١) وكسر الفاء المشددة من التخفيف، هذه رواية المُسْتَمْلي، وغيره روى: ما خفَّف، بصيغة الماضي؛ وسيأتي الكلام على ذلك في أعلام النُّبوَّة إن شاء الله تعالى.

قالوا: احتجَّ بهذا الأحاديث من أجاز التنفُّل بعد العصر مطلقًا ما لم يقصد الصَّلاة عند غروب الشمس، وأورده البخاري في قضاء الفائتة بعد العصر، ولهذا ترجم عليه به، قال العَيني: ونحن نقول أي الحنفيَّة كما قلنا غير مرة: إن هذا كان من خصائصه عليه السلام، ومن الدليل عليه ما رواه أبو داود من حديث ذكوان مولى عائشة أنَّها حدَّثته أنَّه عليه السلام: ((كَانَ يصلِّي بعد العَصْر وَينْهى عَنْهَا، ويواصل وَيُنْهِي عَن الوِصَال) وروى التِّرْمِذي من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس قال: ((إِنَّمَا صلَّى النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الرَّكْعَتَيْنِ بعد العَصْرِ لأنَّه أَتَاهُ مَالٌ فَشَغلهُ عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر فصلَّاهما بعد العَصْرِ، ثمَّ لم يَعدْ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيث حسن. قال شيخنا: هو من رواية جرير عن عطاء، وقد سمع منه


(١) ليس في الأصل، وأضيفت لتمام المعنى من عمدة القاري.

<<  <   >  >>