للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال العَيني: وهذا بالإجماع، وشذَّ اللَّيث فمنع من ذلك، ويردُّ عليه هذا الحديث وحديث الوادي. انتهى.

قال شيخنا: مع أنَّ اللَّيث أجاز صلاة الجمعة جماعة إذا فاتت، والإقامة للصلاة الفائتة. انتهى. وفيه ما كان النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليه من مكارم الأخلاق، وحسن التأنِّي مع أصحابه وبالفهم، وما ينبغي الاقتداء به في ذلك؛ قلت: جواز النسيان عليه في الفرائض إذا قلنا: إنَّه ترك الصَّلاة نسيانًا، وقد صرَّح بذلك كما سيأتي في قوله: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ). انتهى. وفيه دليل على عدم كراهة من يقول ما صلِّيت، وروى البخاري عن ابن سيرين: إنَّه كره أن يقال: فاتتنا وليقل لم يدرك، وقال البخاري: وقول النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أصحُّ.

وفيه احتجاج من يرى امتداد وقت المغرب إلى مغيب الشَّفق، لأنَّه قدَّم العصر عليها، ولو كان ضيِّقًا لبدأ بالمغرب لئلَّا يفوت وقتها أيضًا، قال العَيني: وهو حجَّة على الشَّافعي في قوله الجديد في وقت المغرب إنَّه مضيَّق. انتهى.

قلت: ليس فيه حجَّة عليه رضي الله عنه، فإنَّه يمكن أن يصلِّي بعد غروب الشَّمس العصر والمغرب وتكون المغرب أداءً، يعلم ذلك من يعرف من مذهبه ما يضيع وقت المغرب على الجديد من الأفعال. انتهى.

وفيه وجوب الترتيب بين الصَّلاة الوقتية والفائتة، وهو قول النَّخَعي والزُّهْرِي وربيعة ويحيى الأنصاري واللَّيث، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد وإسحاق، وهو قول عبد الله بن عُمَر.

وقال طاوس: الترتيب غير واجب، وبه قال الشَّافعي وأبو ثور وابن القاسم وسَحْنُون، وهو مذهب الظاهريَّة.

ومذهب مالك: وجوب الترتيب كما قلنا، ولكن لا يسقط بالنسيان، ولا بضيق الوقت، ولا بكثرة الفوائت، كذا في شرح «الإرشاد»؛ وفي شرح «المجمع»، والصحيح المعتمد عليه من مذهب مالك سقوط الترتيب بالنسيان، كما نطقت به كتب مذهبه.

وعند أحمد: لو تذكَّر الفائتة في الوقتيَّة يتمُّها، ثمَّ يصلِّي الفائتة، ثمَّ يعيد الوقتيَّة، وذكر بعض أصحابه إنَّها تكون نافلة، وهذا يفيد وجوب الترتيب. وعند زُفَر: من ترك صلاة شهر بعد المتروكة لا تجوز الحاضرة. وقال ابن أبي ليلى: من ترك صلاة لا يجوز صلاة سنة بعدها.

واستدلَّ «صاحب الهداية» وغيره في مذهب الحنفيَّة بما رواه الدَّارَقُطْني ثمَّ البَيْهَقي في سننهما عن ابن عُمَر رضي الله عنهما قال: ((قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذكرهَا إلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَامِ فليتمَ صلَاتَهُ، فَإِذا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فليُعِدِ الَّتي نَسِيَ، ثمَّ ليعدِ الَّتي صلَّاها مَعَ الإِمَام) وقال الدَّارَقُطْني: الصحيح إنَّه من قول ابن عُمَر، لذا رواه مالك عن ابن عُمَر من قوله، وقال عبد الحقِّ وقد وقفه سعيد بن عبد الرحمن، ووثَّقه يحيى بن معين، قال العَيني: وأخرجه أبو حَفْص بن شاهين مرفوعًا، واستدلَّ أيضًا من يرى بوجوب الترتيب بقوله عليه السلام: ((لَا صَلَاةَ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ))، قال أبو بكر هو باطل، وتأوَّله جماعة على معنى لا نافلة لمن عليه فريضة، وقال ابن الجَوْزي: هذا نسمعه على ألسنة النَّاس وما

<<  <   >  >>