مطابقته للترجمة تؤخذ من قول أبي بكر رضي الله عنه لزوجته: أو ما عشيتهم، ومراجعته لخبر الأضياف، وقوله لأضيافه: كلوا، وكلُّ ذلك في معنى السَّمر المباح، هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في علامات النُّبوَّة، عن موسى بن إسماعيل، وفي الأدب عن أبي موسى محمَّد بن المثنَّى، وأخرجه مسلم في الأطعمة عن عُبَيْد الله بن معاذ وحامد بن عُمَر ومحمَّد بن عبد الأعلى وعن محمَّد بن مثنَّى، وأخرجه أبو داود في الكفَّارة والنُّذُور عن محمَّد بن مثنَّى وعن مؤمَّل بن هشام.
قوله:(إِنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ) قال النَّوَوي: هم زهَّاد من الصحابة فقراء غرباء، كانوا يأوون إلى مسجد النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكانت لهم في آخره صفَّة، وهي مكان مقتطع من المسجد مظلل عليه، يبيتون فيه وكانوا يقلُّون ويكثرون، وفي وقت كانوا سبعين، وفي وقت غير ذلك، فيزيدون بمن يقدم عليهم، وينقصون بمن يموت أو يسافر أو يتزوج، وفي التلويح الصفَّة: موضع مظلل في المسجد كان للمساكين والغرباء، وهم الأوفاض أي الفرق والأخلاط من النَّاس، يأوون إليه، وعد منهم أبو نُعَيم في «الحلية» مائة ونيفًا.
قوله:(كَانُوا أُنَاسًا) وفي رواية الكُشْمِيهَني: <كَانُوا نَاسًا> بلا ألف، والنَّاس والأناس بمعنى واحد، قلت: النَّاس هم الجماعة من الحيوان المتميِّزة بالصور الإنسانيَّة. انتهى.
قوله:(فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ) أي من أصحاب الصُّفة، هذا هو الصَّواب وهو الأصحُّ من رواية مسلم فليذهب بثلاثة، لأنَّ ظاهرها صيرورتهم خمسة، وحينئذ لا يمسك رمق أحد، بخلاف الواحد مع الاثنين، وقال القُرْطُبي: لو حملَ رواية مسلم على ظاهرها فسد المعنى، وذلك أن الذي عنده طعام اثنين إذا أكله في خمسة لم يكف أحدًا منهم ولا يمسك رمقه، بخلاف الواحد، قال النَّوَوي: والذي في مسلم أيضًا له وجه تقديره وليذهب بمن يتم ثلاثة أو بتمام ثلاثة، كما قال تعالى:{وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ}[فصلت: ١٠] أي في تمام أربعة أيام، وقال ابن العَرَبي: لم يقل عليه السَّلام أنَّ طعام الاثنين يشبع الثلاثة،