قوله (عَنْ سِمَاكَ بنِ عَطِيَّةَ) أي بكسر السِّين المهملة وتخفيف الميم وبالكاف، بصري ثقة، روى عن أيُّوب وهو من أقرانه، وقد روى حمَّاد بن زيد عنهما جميعًا، وقال: مات سِماك قبل أيُّوب.
قوله:(عَنْ أَيُّوْبَ) أي السِّخْتياني، ترجمته في باب حلاوة الإيمان.
قوله:(عَنْ أَبِي قِلَابَة) أي المتقدِّم في بدء الأذان.
قوله:(عَنْ أَنَسٍ) أي ابن مالك، رجال إسناده كلُّهم بصريُّون.
قوله:(أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ، إلَّا الإِقَامَةَ) مطابقته للترجمة من حيث الإشارة لا من حيث التصريح، لأنَّ لفظ يشفع يدلُّ على التثنية لكن لا بطريق التصريح، وقد تقدَّم أنَّ هذه الترجمة في حديث أبي داود، وقد ذكر البخاري هذا الحديث في الباب الذي قبله، عن عِمْران بن مَيْسَرة عن عبد الوهَّاب عن خالد عن أبي قِلابة عبد الله بن زيد عن أَنَس، فاعتبر التفاوت بينهما.
قوله:(أَنْ يَشْفَعَ) -بفتح أوَّله وفتح الفاء- أي يأتي بألفاظه شفعًا، قال الزَّين بن المنيِّر: وصف الأذان بأنَّه شفع يفسِّره قوله: (مَثْنَى) أي مرَّتين مرَّتين، وذلك يقتضي أن تستوي جميع ألفاظه في ذلك، لكن لم يختلف في أنَّ كلمة التوحيد الَّتي في آخره مفردة، فيحمل قوله:(مَثْنَى) على ما سواها، قال شيخنا: وكأنَّه أراد بذلك تأكيد مذهبه في ترك تربيع التكبير في أوَّله، لكن لمن قال بالتربيع أن يدَّعي نظير ما ادعاه لثبوت الخبر بذلك، وسيأتي في الإقامة توجُّه يقتضي أن القائل به لا يحتاج إلى دعوى التخصيص. انتهى.
قوله:(وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ، إلَّا الإِقَامَةَ) المراد بالمنفي غير المراد بالمثبت، والمراد بالمثبت جميع الألفاظ المشروعة عند القيام إلى الصَّلاة، والمراد بالمنفي خصوص قوله:(قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ) كما سيأتي ذلك صريحًا، فحصل من ذلك جناس تامٌّ، وادَّعى ابن مَندَه أنَّ قوله:((الإِقَامَةَ)) من قول أيُّوب غير مسند كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم، وأشار إلى أنَّ في رواية سِماك بن عطيَّة هذه إدراجًا، وكذا قال أبو محمَّد الأَصِيلي قوله: <الإِقَامَةَ> هو من قول أيُّوب وليس من الحديث، قال شيخنا: وفيما قالاه نظر، لأنَّ عبد الرزَّاق رواه عن معمر عن أيُّوب بسنده متَّصلًا بالخبر مفسَّرًا ولفظه:((كَانَ بِلَالٌ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ إلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ)) أخرجه أبو عَوانة في «صحيحه» والسرَّاج في «مسنده» وكذا هو في مصنَّف عبد الرزَّاق والإسماعيلي من هذا الوجه: ((وَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاة مرتَيْنِ)) والأصل أن ما كان في الخبر فهو منه حتَّى يقوم دليل على خلافه، ولا دليل في رواية إسماعيل، لأنَّه إنَّما يتحصَّل منها أن خالدًا كان لا يذكر الزيادة وكان أيُّوب يذكرها، وكلٌّ منهما روى الحديث عن أبي قِلابة عن أَنَس، فكان في رواية أيُّوب زيادة من حافظ فيقبل، والله أعلم.