أي: قال ذلك خالصاً من قلبه؛ لأن الأصل في القول والفعل الإخلاص كما ورد في النص.
قوله: (حَدَّثَنا إِسحَاقُ بنُ راهَوَيه) قال الغساني: قال ابن السكن: كل ما روى البخاري عن إسحاق غير منسوب فهو ابن راهويه، وكذلك صرح به أبو نعيم في «مستخرجه» من طريق عبد الله بن شيرويه عنه. انتهى ترجمته في باب فضل من علم وعلم.
قوله: (حَدَّثَنا وَهبُ بنُ جَريرٍ) أي: بفتح الجيم، ترجمته في باب الخوخة والممر في المسجد.
قوله: (حَدَّثَنا هِشامٌ) أي: الدستوائي المتقدم.
قوله: (عَن يَحيَى بنِ أَبي كَثيرٍ) المتقدم أيضاً.
قوله: (نحوه) أي: نحو الحديث المذكور في الإسناد المتقدم.
قوله: (قالَ يَحيَى: وَحَدَّثَني بَعضُ إِخوَانِنا أَنَّهُ قالَ: لما قالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ قالَ: لَا حَولَ وَلا قَوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، وَقالَ: هَكَذا سَمِعنا نَبِيَّكُم يَقولُ).
في هذا الإسناد التحديث بصيغة الجمع في ثلاث مواضع، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه العنعنة في موضع. وفيه القول في خمس مواضع. وفيه السماع بصيغة الجمع.
قال شيخنا: أحال بقوله: (نحوه) على الذي قبله، وقد عرفت أنه لم يَسُق لفظه كلَّه، وقد وقع لنا هذا الحديث من طرق عن هشام المذكور تامّاً، منها للإسماعيلي من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن يحيى، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا عيسى بن طلحة، قال: دخلنا على معاوية، فنادى مناد بالصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر، فقال معاوية: الله أكبر الله أكبر، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال معاوية: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أشهد أن محمداً رسول الله، فقال معاوية: وأنا أشهد أن محمداً رسول الله. قال يحيى: فحدثني صاحبٌ لنا أنه لما قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: هكذا سمعنا نبيكم. انتهى، فاشتمل هذا السياق على فوائد:
أحدها: تصريح يحيى بن أبي كثير بالسماع له من محمد بن إبراهيم، فأمِن ما يخشى من تدليسه.
ثانيها: بيان ما اختصر من روايتي البخاري.
ثالثها: أن قوله في الرواية الأولى: إنه سمع معاوية يوماً فقال مثله، فيه حذف تقديره: أنه سمع معاوية سمع المؤذن يوماً فقال مثله.
رابعها: أن الزيادة في رواية وهب بن جرير لم ينفرد بها لمتابعة معاذ بن هشام له.
خامسها: أن قوله: قال يحيى، ليس تعليقاً من البخاري كما زعمه بعضهم، بل هو عنده بإسناد إسحاق، وأبدى الحافظ قطب الدين احتمالاً أنه عنده بالإسنادين، وأما المبهم الذي حدث يحيى به عن معاوية فلم أقف في شيء من الطرق على تعيينه، وحكى الكرماني عن غيره أن المراد به الأوزاعي، وفيه نظر؛ لأن الظاهر أن قائل ذلك ليحيى حدثه به عن معاوية، وأين عصر الأوزاعي من عصر معاوية؟! وقد غلب على ظني أنه علقمة بن وقاص إن كان يحيى بن أبي كثير أدركه، وإلا فأحد ابنيه عبد الله بن علقمة أو عمرو بن علقمة، وإنما قلت ذلك لأنني جمعت طرقه عن معاوية، فلم أجد هذه الزيادة في ذكر الحوقلة إلا من طريقين: أحدهما عن نهشل التميمي عن معاوية وهو في «الطبراني» بإسناد واهٍ، والآخر عن علقمة