للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف المؤذن للصبح وبدا الصبح ركع ركعتين> وقال القابسي: معنى اعتكف هنا: انتصب قائمًا للأذان كأنه من ملازمته مراقبة الفجر، وفي رواية الهمداني ((إذا أذن المؤذن)) بدل <اعتكف> وهي أشبه بالرواية المصوبة.

ووقع في رواية النسفي عن البخاري بلفظ <كان إذا اعتكف أذن المؤذن للصبح> وهو يقتضي أن صنيعه ذلك كان مختصًا بحالة اعتكافه وليس كذلك. والظاهر أنه مِن إصلاحه.

قال شيخنا: وقد أطلق جماعة مِن الحفاظ القول بأنَّ الوهم فيه مِن عبد الله بن يوسف شيخ البخاري.

قال العيني: الحاصل ههنا خمس روايات ولكلها وجهٌ فلا يحتاج إلى نسبة الوهم إلى أحد منهم. الرواية الأولى رواية عبد الله بن يوسف ((كان إذا اعتكف المؤذِّن للصبح)) ومعنى اعتكف قد مرَّ الآن.

الثانية: ((إذا سكت المؤذن)) وهي ظاهرة لا نزاع فيها.

والثالثة: ((كان إذا أذن المؤذن)) وهي أيضًا ظاهرة، وكذلك الرابعة ((كان إذا اعتكف أذن المؤذن)) يعني إذا اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجواب (إذا) هو قوله: ((صلى ركعتين)) وقوله: ((أذَّن المؤذن)) جملة وقعت حالًا بتقدير (قد) كما في قوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: ٩٠] أي قد حصرت.

الخامسة: ((كان إذا اعتكف وأذن المؤذن)) وكذلك الضمير في (اعتكف) ههنا يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: ((أذن)) عطف عليه. فإن قلت: على هذا يلزم أن يكون هذا مختصًا بحال اعتكافه عليه السلام وليس كذلك كما قدمناه. أُجيب عنه أيضًا بمنع الملازمة لأنه يحتمل أنَّ حفصة راوية الحديث المذكور قد شاهدت النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت وهو في الاعتكاف ولا يلزم مِن ذلك الوقت وهو في الاعتكاف ولا يلزم من ذلك أن يكون عليه السلام في كل هذا الوقت في الاعتكاف فافهم. انتهى. ووجَّهه ابن بطال وغيره بأنَّ معنى ((اعتكف المؤذن)) أي لازم ارتقابه ونظره إلى مطلع الصبح ليؤذن عند أول إدراكه.

قالوا: وأصل العكوف لزوم الإقامة بمكان واحد، وتُعُقِّب بأنه يلزم منه أنه كان لا يصليهما إلا إذا وقع ذلك مِن المؤذن لما يقتضيه مفهوم الشرط وليس كذلك لمواظبته عليها مطلقًا.

قال شيخنا: والحقُّ أن لفظ ((اعتكف)) محرف من لفظ ((سكت)) وقد أخرجه المؤلف في باب الركعتين بعد الظهر من طريق أيوب عن نافع بلفظ ((كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر)).

قوله: (وَبَدَا الصُّبْحُ) بغير همز فعل ماضي مِن البَدْو وهو الظهور، وأسند إلى الصبح وهو فاعله والواو فيه واو الحال لا واو العطف.

قال شيخنا: وأغرب الكرماني فصحح أنه بالنون المكسورة والهمزة بعد المد، وكأنه ظن أنه معطوف على قوله: (لِلصُّبْحِ) فيكون التقدير وانعكف لنداء الصبح، وليس كذلك فإن الحديث في جميع النسخ مِن «الموطأ» والبخاري ومسلم وغيرها بالباء الموحدة المفتوحة، وبعد الدال ألف مقصورة، وبذلك تتم مطابقة الحديث للترجمة وسيأتي بقية الكلام في أبواب التطوع

<<  <   >  >>