لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر)). وعند النسائي:((فجعل يقول في أذانه هكذا، ينحرف يميناً وشمالاً)). وعند الطبراني:((فجعل يقول برأسه هكذا وهكذا يميناً وشمالاً حتى فرغ من أذانه)). عند الترمذي مصححاً من حديث عبد الرزاق: حدثنا سفيان عن عون عن أبيه. قال:((رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتبع فاه، ههنا وههنا)).
قوله:(وَهَلْ يَلْتَفِتُ) أي: هل يلتفت المؤذن في الأذان؟ نعم يلتفت، يدل عليه رواية الإسماعيلي ورواية أبي داود أيضاً تدل عليه، وسيأتي في رواية يحيى بن آدم لفظ:«والتفت». والمراد من الالتفات: أن يلوي عنقه ولا يحوِّل صدره عن القبلة، ولا يزيل قدميه عن مكانهما، وسواء المنارة وغيرها. وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو ثور وأحمد في رواية.
وقال ابن سيرين: يكره الالتفات، وهو قول مالك، إلا أن يريد إسماع الناس.
وقال صاحب «التوضيح» من الشافعية: الالتفات في الحيعلتين سنة ليعم الناس بإسماعه، وخُص بذلك لأنه دعاء. وفي وجهٍ: يلتفت يميناً فيُحَيْعِل، ثم يستقبل ثم يلتفت فيُحَيْعِل، وكذلك الشمال.
قال شيخنا: واختُلف أيضًا في الحَيعلتين: هل يستدير في الأوليين مرة وفي الثانيتين مرة، أو يقول حي على الصلاة عن يمينه ثم حي على الصلاة عن شماله وكذا في الأخرى؟ ورجح الثاني، لأنه يكون لكل جهة نصيب منهما. قال: والأول أقرب إلى لفظ الحديث.
قال: ويلتفت في الإقامة أيضًا على الأصح، ثم ذكر أبو داود في روايته:((ولم يستدر))، وتمامه: قال: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا قيس -يعني ابن الربيع- وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان جميعاً عن عون بن أبي جُحيفة عن أبيه، قال:((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال فأذن، وكنت اتتبع فمه ههنا وههنا))، قال:((ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه حُلَّةٌ حمراء برود يمانية قطري))، وقال موسى: قال: ((رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فأذن، فلما بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح، لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العَنَزة...)) وساق حديثه.
وأخرجه الترمذي مصححاً من حديث عبد الرزاق: حدثنا سفيان عن عون عن أبيه، قال:((رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتبع فاه ههنا وههنا)). وفي رواية ابن ماجه، قال:((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح وهو في قبة حمراء، فخرج بلال فأذن فاستدار في أذانه وجعل إصبعيه في أذنيه)).
واعترض البيهقي فقال: الاستدارة في الأذان ليست في الطرق الصحيحة في حديث أبي جُحيفة، ونحن نتوهم أن سفيان رواه عن الحجاج بن أرطأة عن عون، والحجاجُ غير محتج به، وعبد الرزاق وهِم في إدراجه. ثم أسند عن عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان وليس فيه الاستدارة. وقد رويناه في حديث قيس بن الربيع عن عون، وفيه:((ولم يستدر)).
وقال الشيخ في الإمام: أما كونه غير مخرج في الصحيح فليس بلازم، وقد صححه الترمذي وهو من أئمة الشأن. وأما عبد الرزاق وهم فيه فقد تابعه مؤمل، كما أخرجه أبو عوانة