للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرُه من المأمومين بخلاف الإمام. انتهى.

هذا الحديث أخرجه مسلم في الصلاة أيضًا عن شيبان بن فروخ، وأبو داود عن مُسَدَّد.

قوله: (أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) وكانت صلاة العشاء، بيَّنه حماد عن ثابت عن أنس عند مسلم، ودلت القرينةُ أيضًا أنها كانت صلاة العشاء، وهي قولُه: (حَتَّى نَامَ القَوْمُ).

قوله: (وَالنَّبِيُّ) مبتدأٌ وخبرُه: قوله: (يُنَاجِي)، والجملة حال، ومعنى يناجي رجلًا: يحادِثه. وفي رواية أبي داود: ((ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم نَجِيٌّ في جانب المسجد)) يعني: مُنَاجٍ، كنديمٍ بمعنى: مُنادِم، ووزيرٍ بمعنى: مُوازر، وإنما ذُكر من باب المفاعلة ليدل على أنَّ الرجل أيضًا يشاركه في الحديث.

قولُه: (رَجُلًا) نصب على المفعولية. قال شيخنا: ولم أقف على اسم هذا الرجل، وذَكَر بعضُ الشُّرَّاح - أي ابنُ المُلَقِّن - أنه كان كبيرًا في قومه فأراد أن يتَأَلَّفَه على الإسلام، ولم أقف على مستندٍ لذلك، وقيل: ويحتمل أن يكون ملَكًا من الملائكة جاء بوحي من الله عز وجل، رآه أنس في صورة رجل. قال شيخنا: ولا يخفى بُعدُ هذا الاحتمال. انتهى. قلت: قد تقدَّم الكلام على لفظ رجل في بدء الوحي عند قوله: ((فيتمَثَّل لي الملَك رجلًا فيكلمني)).

قوله (حتى نام بعض القوم) زاد شعبة عن عبد العزيز: ((ثم قام فصلى)) أخرجه مسلم، وهو عند المصنف في الاستئذان، ووقع عند إسحاق بن راهويه في «مسنده» عن ابنِ عُلَيَّةَ عن عبد العزيز في هذا الحديث: حتى نعس بعضُ القوم. وكذا هو عند ابن حِبَّان من وجهٍ آخر عن أنس، وهو يدُلُّ على أن النوم المذكورَ لم يكن مستغرِقًا. وقد تقدم الكلام على هذه المسألة في باب الوضوء من النوم من كتاب الطهارة.

قال شيخنا: وفي الحديث جواز مناجاة الواحد وغيرِه بحضرة الجماعة، وترجم عليه المؤلف في الاستئذان طول النجوى.

قال العيني: باب المفاعلة لا يُسند إلى الواحد، ولو كان هذا القائلُ - يعني شيخنا - وَقَفَ على معاني الأفعال فقال: مُناجاة الاثنين.

قلتُ: كأنَّ العيني لم يتأمَّل قول شيخنا، فإنه قال: مناجاة الواحد وغيره، أو وقَف على نسخةٍ سقط منها لفظة: «غيرِه» فاعترض. انتهى.

وفيه: جواز الفصل بين الإقامة والإحرام إذا كان لحاجة، أما إذا كان لغير حاجة فهو مكروه، وقال صاحب «التلويح» : فيه جواز الكلام بعد الإقامة، وإن كان إبراهيم والزهري وتبعهما الحنفيون كرهوا ذلك، حتى قال بعض أصحاب أبي حنيفة: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة وجب على الإمام التكبيرُ. وقال مالك: إذا بعُدت الإقامة رأيتُ أن تعادَ الإقامةُ استحبابًا.

قال العيني: إنما كره الحنفيةُ الكلام بين الإقامة والإحرام إذا كان لغير ضرورة، وأما إذا كان لأمرٍ من أمور الدين فلا يكره. انتهى.

وفيه: جواز تأخير الصلاة من أول وقتها.

قلتُ: وفيه: جواز ذكر حاجةِ مَن له حاجةٌ للإمام بعد إقامة الصلاة ولو طال الفصلُ.

وفيه: إجابة الإمام له وصبرُه عليه حتى يفرغ ولو شَقَّ ذلك على المأمومين.

وفيه: تواضعه وحُسنُ خُلُقه وقضاؤه حوائج أمته عليه الصلاة والسلام. انتهى

<<  <   >  >>