للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهي أم الدرداء الصغرى التابعية، لا الكبرى التي اسمها: خَيرة، بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، وهي الصحابية. فإنما قلنا كذلك لأن الكبرى ماتت في حياة أبي الدرداء، وعاشت الصغرى بعده بزمان طويل، وقد جزم أبو حاتم بأن سالم بن أبي الجعد لم يدرك أبا الدرداء، فعلى هذا لم يدرك أمَّ الدرداء الكبرى.

وقال الكِرماني: وأم الدرداء هي: خَيْرة بنت أبي حدرد الأسلمية، من فاضلات الصحابيات وعاقلاتهن وعابداتهن، ماتت بالشام في خلافة عثمان. قال شيخنا: فسَّرها الكِرماني هنا بصفات الكبرى، وهو خطأٌ لقول سالم: (سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ)

قوله: (دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ) أي عويمر بن مالك، ترجمته في باب من حمل معه الماء الطهور.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: السماع في موضعين. وفيه: القول في سبعة مواضع. وفيه: رواية الابن عن الأب. وفيه: رواية التابعية عن الصحابي. وفيه: رواية التابعي عن التابعية. وفيه: أن رواته (١) الأربعة كوفيون، وهذا من أفراد البخاري.

قوله: (وَهُوَ مُغْضَبٌ (٢)، فَقُلْتُ: مَا أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا»).

مطابقته للترجمة من حيث إن أعمال الذين يصلون بالجماعة قد وقع فيها النقص والتغيير ما خلا صلاتهم في الجماعة، ولم يقع فيها شيء من ذلك، فدل ذلك على أن فضل الصلاة بالجماعة عظيم.

فإن قلتَ: الترجمة في فضل الصلاة بالجماعة في الفجر، والذي يُفهَم من الحديث أعم من ذلك، فكيف يكون التطابق؟ قال العيني: إذا طابقَ جزءٌ من الحديث الترجمة يكفي، ومثلُ هذا وقع له كثيرًا في هذا الكتاب.

قوله: (مُغْضَبٌ) بضم أوله وفتح الضاد المعجمة.

قوله: (مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كذا في رواية أبي ذر وكَريمة، وفي رواية الباقين: <من (٣) محمد> بدون لفظة: «أمة»، وعليه شرح ابن بطال ومَن تبعه، قال: يريدُ: من شريعة محمد شيئًا لم يتغير عما كان عليه إلا الصلاة في جماعة، فَحَذَفَ المضاف إليه لدلالة الكلام عليه، ووقع في رواية أبي الوقت: <من أمر محمد> بفتح الهمزة وسكون الميم وفي آخره راء، وكذا ساقه الحميدي في «جمعه»، وكذا هو في «مسند أحمد» و «مستخرجي الإسماعيلي وأبي نعيم» من طُرُقٍ عن الأعمش، وعندهم بلفظ: ما أعرف فيهم، أي: في أهل البلد الذي كان فيه أبو الدرداء، كأنَّ لفظ «فيهم» لَمَّا حُذف من رواية البخاري صَحَّف بعضُ النَّقَلة «أمر» بـ «أمة»، ليعود الضمير في: (أَنَّهُمْ) على الأمة. قال العيني: لا محذور في كون لفظة: «أمة»، بل الظاهر هذا على ما لا يخفى. انتهى.

قوله: (يُصَلُّونَ جَمِيعًا) أي: مجتمعين، وانتصابُه على الحال، ومفعول: (يُصَلُّونَ) محذوفٌ تقديرُه: يصلون الصلاة أو الصلوات.

قال شيخنا: مرادُ أبي الدرداء أن أعمال المذكورين حصل في جميعها النقصُ أو التغيير إلا التجميع في الصلاة، فهو أمر نسبي، لأن حال الناس في زمن النبوة كان أتمَّ مما صار إليه بعدها، ثم كان في زمن الشيخين أتم مما صار إليه بعدَهما، وكأن ذلك صدر من أبي الدرداء في أواخر عُمُرِه وكان ذلك في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه، ويا ليت شعري


(١) في (الأصل) : ((رواية))، والصواب: ((رواته)).
(٢) في (الأصل) : ((مصعب))، والصواب: ((مغضَب)).
(٣) في (الأصل) : ((من رواية))، والصواب: ((من)).

<<  <   >  >>