للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذر وحده، وفي رواية الباقين حدثنا أنس وكذا ذكره أبو نعيم أيضاً.

قال شيخنا: وكذا سمعناه في «الأول من فوائد المخلص» من طريق أحمد بن منصور عن ابن أبي مريم. ولفظ سمعت أنساً: وهذا هو السر في إيراد طريق يحيى بن أيوب عقب طريق عبد الوهاب. ليبين الأمر من تدليس حميد وقد تقدم نظيره في باب وقت العشاء، وأخرجه في الحج من طريق مروان الفزاري عن حميد وساق المتن كاملاً. انتهى.

قوله: فنزلوا قريباً أي منزلا قريبا لأنَّ ديارهم كانت بعيدة من المسجد وقد صرح بذلك في رواية مسلم من حديث جابر بن عبد الله يقول: ((كانت ديارنا بعيدة...)) الحديث. وفي «مسند السراج» من طريق أبي نضرة عن جابر أرادوا أن يقتربوا من أجل الصلاة.

وفي رواية مردويه من طريق أخرى عن أبي نضرة عنه قال: ((كانت منازلنا بسلعٍ)) فإنْ قلت بالاستسقاء من حديث أنسٍ: (وما بيْنَنَا وبَيْن سلْعٍ مِنْ دَارٍ) فهذا يعارضه، يقال لاتعارض لاحتمال أن ديارهم كانت من وراء سَلْعٍ، وبين سلع والمسجد قدر ميل.

قوله: (أن يُعْرُوا المدينة) وفي رواية الكُشْمِيهَني: (أن يُعْرُوا منَازِلهم) وهو بضم راء آخر الحروف، وسكون العين المهملة، وضم أوله، أي يتركوها خالية. قال عزوجل: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ} [الصافات: ١٤٥] أي بموضعٍ خالٍ. قال ابن سيده: هو المكان الذي لا يستتر فيه شيء. وقيل: الأرض الواسعة وجمعه أعراء، في «الغريبين» الممدود المتسع من الأرض قيل له ذلك لأنه لا يستتر فيه ولا شيء يغطيه، والعرى مقصور: الناحية أي - وبالمد - الفضاء.

وجه كراهة النبي صلى الله عليه وسلم في منعهم من القرب من المسجد هو أنه أراد أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها.

قوله: وقال مجاهد: (خُطَاهُم) آثار المشي في الأرض بأرجلهم كذا هو في رواية أبي ذر، وفي رواية الباقين وقال مجاهد: ({وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: ١٢]) قال: خطاهم، وكذا ومثله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه قال في قوله: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: ١٢] قال: أعمالهم، وفي قوله: (وآثارهم) قال: خطاهم.

وأشار البخاري بهذا التعليق إلى أنَّ قصة بني سلمة كانت سبب نزول هذه الآية، وقد ورد مصرحا به من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس أخرجه ابن ماجة وغيره، وإسناده قوي وقد ذكرناه عن قريب في الحديث أنَّ أعمال البر إذا كانت خالصة تكتب آثارها حسنات. وفيه: استحباب السكنى بقرب المسجد إلا لمن حصلت به منفعة أخرى، أو أراد تكثير الأجر مالم يكلف نفسه، ووجهه أنهم طلبوا السكنى بقرب المسجد للفضل الذي علموه منه فما أنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذاك.

بل رجح درء المفسدة بإخلائهم جوانب المدينة على المصلحة المذكورة وأعلمهم بأنَّ لهم في التردد إلى المسجد من الفضل ما يقوم مقام السكنى لقرب المسجد أو يزيد عليه.

وفيه الدلالة على كثرة الأجر بكثرة الخطا في المشي إلى المسجد.

قال العيني: وسُئِل أبو عبد الله بن لبَابَة عن الذي

<<  <   >  >>