ظاهرة، وقوله:(يُسْتَقبَلُ) بضمِّ الياء على صيغة المجهول، والرجلُ مرفوع لنيابته عن الفاعل، ويجوز فتح الياء على صيغة المعلوم، ولا مانع من ذلك، والكِرماني اقتصر على الوجه الأول.
قوله:(وَهُوَ يُصَلِّي) جملة اسميَّة وقعت حالًا عن الرجل، قال شيخنا: ولم أر هذا الأثر عن عُثْمان إلى الآن، وإنما رأيته في «مصنَّفَي عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة» وغيرهما من طريق هلال بن يَساف عن عُمَر رضي الله عنه: إنَّه زجر عن ذلك، وفيهما أيضًا عن عُثْمان ما يدلُّ على عدم كراهية ذلك، فليتأمَّل؛ لاحتمال أن يكون فيما وَقَعَ في الأصل تصحيف من عُمَر إلى عثمان، قال العَيني: لا يلزم من عدم رؤيته هذا الأثر عن عُثْمان ألَّا يكون منقولًا عنه، فليس بسديد زَعَمَ الاحتمال الناشئ من غير دليل. فإن قلت: رواية عبد الرزَّاق وابن أبي شَيْبَة عن عُثْمان بخلاف ما ذكره البخاري عنه دليل الاحتمال، قال العَيني: لا يُسلَّم ذلك؛ لاحتمال أن يكون المنقول عنه آخرًا بخلاف ما نقل عنه أوَّلًا؛ لقيام الدَّليل عنده بذلك. انتهى.
قال شيخنا: هكذا يكون التحامل؛ فإنِّي لم أنفِ وقوع نقل ذلك عن عثمان، واحتمال التصحيف لا ينكر. انتهى.
قوله:(وَهَذَا إِذا اشتَغَلَ بِهِ) فأمَّا إذا لم يشتغل به فقد قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: ما باليت أنَّ الرجل لا يقطع صلاة الرَّجل.
(زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ) أي الأنصاري النَّجَّاري الفرضي الخزرجي أبو سعيد، ويقال: أبو خارجة، واسم جدِّه الضَّحَّاك، سمع زيد النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عنه ابن عُمَر وأنس بن مالك وعبد الله بن يزيد الخطمي ومروان بن الحكم وبشر بن سعيد وعطاء بن يَسار وابنه خارجة بن زيد في الصَّلاة وغيرِ موضع، قال البخاري: قال علي بن المديني: مات سنة أربع أو خمس وخمسين. وقال خليفة وأبو عيسى: مات سنة خمس وأربعين. وقال الذُّهْلي: وقال أحمد بن حنبل: بلغني مات زيد بن ثابت سنة إحدى أو اثنين وخمسين، وصلَّى عليه مروان. وقدم النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ابن إحدى عشرة سنة.
قال صاحب «التَّوضيح» ـ أي ابن المُلَقِّن ـ: قوله: (هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ...) إلى آخره، من كلام البخاري، يشير به إلى أنَّ مذهبه ههنا بالتفصيل، وهو أنَّ استقبال الرجل الرجل في الصَّلاة إنَّما يكره إذا اشتغل المستقبل المصلِّي؛ لأنَّ علَّة الكراهة هي كفُّ المصلِّي عن الخشوع وحضور القلب، وأمَّا إذا لم يشغله فلا بأس به، والدليل عليه قول زيد بن ثابت:(مَا بَالَيْتُ) أي بالاستقبال المذكور، ويقال: لا أباليه أي لا أكترث له.
قوله:(إِنَّ الرَّجُلَ) بكسر إنَّ؛ لأنَّه استئناف ذكر لتعليل عدم المبالاة، وروى أبو نُعَيم في «كتاب الصَّلاة» حدَّثنا مسْعَر قال: أُراني أوَّل من سمعه من القاسم قال: ضرب عُمَر رضي الله عنه رجلين أحدهما مستقبلٌ والآخر يصلِّي، وحدَّثنا سُفْيان حدَّثنا رجل عن سعيد بن جُبَير: أنَّه كره أن يصلِّي وبين يديه مخنَّث محدث، وحدَّثنا سُفْيان