أخرجه البخاري أيضاً في صلاة الضحى عن علي بن الجعد عن شعبة، وفي الأدب عن محمد بن سلام. وأخرجه أبو داود في الصلاة عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة به.
قوله: (مَعَكَ) أي: في الجماعة في المسجد.
قوله: (ضَخْمًا) أي سمينا، والضخم الغليظ من كل شيء. زاد عبد الحميد عن أنس: وإني أحب أن تأكل في بيتي وتصليَ فيه. وسيأتي في فقه الحديث أن السِّمَن عذرٌ في ترك الجماعة.
قوله: (حَصِيرًا) قال ابن سيده: الحصير سَقيفةٌ تصنع من بَرْدِيٍّ وأَسَلٍ ثم تفترش، سُمي بذلك لأنه يلي وجه الأرض، ووجه الأرض سمي (١) حصيراً. وفي «الجمهرة» : الحصير عربي، سمي حصيراً لانضمام بعضه إلى بعض. وقال الجوهري: الحصير الباريَّةُ.
قوله: (وَنَضَحَ طَرَفَ الحَصِيرِ) النضح بمعنى الرش إن كانت النجاسة متوهَّمة في طرف الحصير، وبمعنى الغسل إن كانت محَقَّقةً، أو يكون النضح لأجل تليينه لأجل الصلاة عليه. وقد سبق الكلام فيه في حديث أنس في باب الصلاة في الحصير.
قوله: (فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ) زاد عند الحُمَيدي: (فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ).
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الجَارُودِ) أي بالجيم وبضم الراء وفي آخره دال مهملة. وفي رواية علي بن الجعد عن شعبة الآتية للمصنف في صلاة الضحى: فقال فلان بن فلان بن الجارود النضري. قال شيخنا: وذلك أن البخاري أخرج هذا الحديث من رواية شعبة وأخرجه في موضع آخر من رواية خالد الحَذَّاء كلاهما عن أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعاً، وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين بسماعه من أنس، فحينئذ رواية ابن ماجه إما من المزيد في متصل الأسانيد وإما أن يكون فيها وهمٌ لكون ابن الجارود كان حاضراً عند أنس لَمَّا حدَّث بهذا الحديث وسأله عما سأله من ذلك فظن بعض الرواة أن له فيه رواية وسيأتي الكلام على فوائده في باب صلاة الضحى. انتهى.
قال العيني: فيه: جواز اتخاذ الطعام لأولي الفضل ليستفيد من علمهم.
وفيه: استحباب إجابة الدعوة، وقيل بالوجوب.
وفيه: جواز الصلاة على الحصير من غير كراهة، وفي معناه كل شيء يُعمل من نبات الأرض، وهذا إجماعٌ إلا ما روي عن عمر بن عبد العزيز، فإنه كان يعمل لأجل التواضع، كما في قوله عليه السلام لمعاذ بن جبل: ((عفر وجهك بالتراب))، فإن قلتَ: ما تقول في حديث يزيد بن المقدام من عند ابن أبي شيبة: عن المقدام عن أبيه شريح أنه سأل عائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير؟ فإني سمعت في كتاب الله عز وجل {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: ٨]. فقالت: لا لم يكن يصلي عليه. قلت: هذا الحديث ليس بصحيح لضعف يزيد، ورده الرواية الصحيحة.
وفيه جواز التطوع بالجماعة.
وفيه استحباب صلاة الضحى، لأن أنساً أخبر أنه عليه السلام صلاها، ولكن ما رآها إلا يومئذ، يعني يومَ كان في منزل رجل من الأنصار. وروى أبو داود من حديث أم هانئ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثمان ركعات فسلم في كل ركعتين. وروى أيضاً من حديث عائشة: أن عبد الله بن شقيق
(١) لفظة ((سمي)) مستدركة في هامش (الأصل).