للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستوفىً.

قوله: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ) بفتح الشين المعجمة والموحدتين، جملةٌ إسمية وقعت حالاً، زاد في الأدب من طريق ابن عُلَيَّة: (شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ) والمراد تقاربهم في السن، لأن ذلك كان في حال قدومهم. والشَّبَبَة جمع شاب.

قوله: (نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً)، وفي رواية ابن عُلَيَّة المذكورة الجزمُ به، ولفظه: (فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً) والمراد بأيامها، ووقع التصريح بذلك في روايته في خبر الواحد من طريق عبد الوهاب عن أيوب.

قوله: (رَحِيمًا فَقَالَ: لَوْ رَجَعْتُمْ) وفي رواية ابن عُلَيَّة وعبد الوهاب: (رَحِيمًا رَفِيقَاً فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا إِلَى أَهْلِنَا وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ. فَقَالَ: ارْجِعُوا). قال العيني: جواب: (لَوْ (١)) قولُه: (مُرُوهُمْ)، وقولُه: (فَعَلَّمْتُمُوهُمْ)، عطْفٌ على قولِه: (رَجَعْتُمْ)، ويجوز أن يكون جواب: (لَوْ) محذوفاً تقديرُه: لو رجعتُم لكان خيراً لكم. إنما قال عليه السلام ذلك لأنه علم مِنهم أنَّهم اشتاقوا إلى أهلِهم وأولادِهم، والدليل على هذا رواية عبد الوهاب: (فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا إِلَى أَهْلِنَا...) الحديثُ. فقال ذلك على طريق الإيناس، لأن في الأمر بالرجوع بغير هذا الوجه تنفيراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يتحاشى عن ذلك، ثم على تقدير أن يكون جواب: (لَوْ) محذوفاً يكون قوله: (مُرُوهُمْ) استئنافاً، كأنَّ سائلاً سأل: ماذا نعلمهم؟ فقال: مروهم بالطاعات كذا وكذا، والأمرُ بها مستلزِمٌ للتعليم. انتهى.

قال شيخنا: ويمكن الجمع بين الحديثين أي في قولِه: (لَوْ رَجَعْتُمْ)، وقولِه: (ارْجِعُوا) بأن يكون عرض ذلك عليهم على طريق الإيناس بقولِه: (لَوْ رَجَعْتُمْ) فأجابوه بِنَعم فأمرهم حينئذٍ بقولِه: (ارْجِعُوا) واقتصارُ الصحابي على ذكر سبب الأمر برجوعهم بأنه الشوق إلى أهليهم دون قَصْدِ التعليم هو لِمَا قام عنده من القرينة الدالة على ذلك، ويمكن أن يكون عَرَفَ ذلك بصرائح القول منه صلى الله عليه وسلم وإن كان سببُ تعليمِهم قومَهم أشرفُ في حقهم، لكنه أخبر بالواقع ولم يتزين بما ليس فيهم، وَلَمَّا كانت نيتُهم صادقةً صادفَ (٢) شوقُهم إلى أهلهم الحظَّ الكامل في الدين وهو: أهليةُ التعليم، كما قال الإمام أحمد في الحرص على طلب الحديثِ: حظٌّ وافَقَ حقاً.

قوله: (وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ) قال العيني: يعني بالسن عند التساوي في شروط الإمامة، وإلا فالأسنُّ إذا وُجِدَ وكان فيهم من هو أصغر منه ولكنه أقرأ قدم الأقرأ، كما في حديث عمرو بن سلمة، وكان قَدَّ أَمَّ قومَه في مسجد عشيرتِه وهو صغير، وفيهم الشيوخ والكهول، ولكن قالوا: إنما كان تقديم الأقرأ في ذلك الزمان لأن كان في أول الإسلام حين كان الحفاظ قليلَا، وتقديم عمرو كان لذلك، أو نقول: لا يكاد يوجد قارئ إذ ذاك إلا وهو فقيه، وقد بسطنا القول فيه في باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة. انتهى.

قال شيخنا: ظاهر قولِه: (أَكْبَرُكُمْ) تقديم الأكبر بكثيرِ السِّن وقليله، وأمَّا مَن جوَّزَ أن يكون مراده بالكِبَر ما هو أعمُّ من السن أو القدْر كالتقدم في الفقه والقراءة والدِّين فبعيد لِمَا


(١) في (الأصل) : ((لم))، والصواب: ((لو)).
(٢) في (الأصل) : ((صادق))، والصواب: ((صادفَ)).

<<  <   >  >>