قوله:(وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهُوَ جَالِسٌ) هذا التعليقُ تقدم مسنداً من حديث عائشة رضي الله عنها. فإن قلتَ: هذا لا دخل له في الترجمة، فما فائدة ذكره؟ أجيب: بأنه يشير به إلى أن الترجمة التي هي قطعةٌ من الحديث عامٌّ يقتضي متابعة المأمومِ الإمامَ مطلقاً، وقد لحقه دليل الخصوص، وهو حديث عائشة: فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي توفي فيه وهو جالس والناس خلفه قيام، ولم يأمرهم بالجلوس. فدل على دخول التخصيصِ في عموم قوله:(إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ).
قوله:(وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) قلتُ: أي عبد الله، ترجمته في باب بنيَ الإسلام على خمس.
قوله:(إِذَا رَفَعَ قَبْلَ الإِمَامِ يَعُودُ، فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ، ثُمَّ يَتْبَعُ الإِمَامَ) هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ عن هشيم أخبرنا حصين عن هلال بن يَساف عن أبي حَيَّان الأشجعي - وكان من أصحاب عبد الله - قال: قال عبد الله: لا تبادروا أئمتكم بالركوع ولا بالسجود، وإذا رفع أحدكم رأسه والإمام ساجد فليسجد ثم ليمكث قدر ما سبقه به الإمام.
قال شيخنا: هذا السياق أتمُّ، وكأنه أخذه من قوله عليه السلام:(إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ). ومِن قوله:(وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا). وروى عبد الرزاق عن عمر نحو قولِ ابن مسعود بإسنادٍ صحيح، ولفظه:((أيَّما رجل رَفَعَ رأسَه قبل الإمام في ركوعٍ أو سجودٍ فليضع رأسه بقدْر رفعه إياه)). قال ابن المنير: إذا كان الرافع المذكور يؤمَر عنده بقضاء القدْر الذي خرج عنه عن الإمام فأوْلَى أن يَتَّبِعَه في جملة السجودِ فلا يسجدُ حتى يسجدَ. وظهرت بها مناسبة هذا الأثر للترجمة. انتهى.
ورواه البيهقي من طريق ابن لَهِيعة، وقال البيهقي: وروينا عن إبراهيمَ والشعبي أنه يعود فيسجد. وحكى ابن سحنون عن أبيه نحوَه. قال العيني: ومذهب مالك أن مَن خفض أو رفع قبل إمامه أنه يرجع فيفعل ما دام إمامه لم يرفعْ من ذلك، وبه قال أحمد وإسحاق والحسنُ والنَّخَعِيُّ، وروي نحوه عن عمر، رضي الله عنه، وقال ابنه: من رفع أو سجد قبل إمامه لا صلاة له. وهو قول أهل الظاهر. وقال الشافعي وأبو ثور: إذا ركع أو سجد قبلَه فإن أدركه الإمامُ فيهما أساءَ وتجزيه، حكاه ابن بطال. قال العيني: ولو أدرك الإمامَ في الركوع فكبر مقتدياً (١) به ووقَفَ حتى رفع الإمام رأسه فركع لا تجزيه عندنا، خلافاً لزفر. انتهى. قلت: وعندنا إذا لم يدرك الإمام في الركوع مع الطمأنينة بعد بلوغ أقلِّه لم تُحسَب له تلك الركعة. انتهى.
قوله:(وَقَالَ الحَسَنُ) أي البصري، ترجمته في باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا في كتاب الإيمان.
قوله:(فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ: يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا، وَفِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ: يَسْجُد) في قول الحسن هذا فرعان: أما الفرع الأول وهو قوله: (فِيمَنْ يَرْكَعُ) إلى قوله (بِسُجُودِهَا) فوصله ابن المنذر في كتابه «الكبير»، رواه