أبي سعيد الخُدْري أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك، وأبو داود عن القَعنَبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدْري عن أبي سعيد الخُدْري أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال:((إذا كانَ أحدُكم يُصلِّي فلا يَدْعنَّ أحدًا يَمرُّ بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإنْ أبى فليقاتلْه فإنَّما هو شيطان)) وهو بعمومه يتناول بني آدم وغيرَهم، فجعل نفس المرور قاطعًا، وإنما ذمَّ المارَّ حيث جعله شيطانًا من باب التشبيه.
قال العَيني: وحديث الباب قد تكرر ذكره مطوَّلًا ومختصرًا بوجوه شتَّى وطرق مختلفة، ذُكر في باب الصَّلاة إلى السَّرير، وفي باب استقبال الرجل الرجل في الصَّلاة، وفي باب الصَّلاة خلف النَّائم، وفي باب التطوُّع خلف المرأة، وفي هذا الباب في موضعين. انتهى.
قوله:(ذُكِرَ عِنْدَهَا) أي ذُكر عند عائشة.
قوله:(مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ) كلمة (ما) موصولة، ويجوز فيه وجهان، الأول: أن يكون مبتدأ وخبره قولُه: (الكلْبُ) والجملة في محلَّ النصب؛ لأنَّه مفعول ما لم يسمِّ فاعله، ويكون قوله:(الكُلْبُ) بدلًا منه.
قوله:(وَأَنَا عَلَى السَّرير بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةٌ) ثلاثة أخبار مترادفة. قاله الكِرْماني، وقال أيضًا: أو خبران وحال، أو حالان وخبر، وفي بعضها ((مُضْطَجِعَةً)) بالنَّصب، فالأوَّلان خبران، أو أحدهما حال والآخر خبر. قال العَيني: التحقيق فيه أن قوله: (وَأَنَا عَلَى السَّرِيْرِ) جملة اسميَّة وقعت حالًا من عائشة، وكذا قوله:(بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ) حال، وقوله:(مُضْطَجِعَةٌ) بالرفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: وأنا مضطجعة، وعلى هذا التقدير تكون هذه الجملة أيضًا حالًا، ويجوز أن تكون (مُضْطَجِعَةٌ) بالرفع خبرًا لقوله: (وَأَنا) أي والحال أنا مضطجعة على السَّرير، فعلى هذا لا يحتاج إلى تقدير مبتدأ، وأما وجه النَّصب في ((مُضْطَجِعَةً)) فعلى إنَّه حال من عائشة أيضًا، ثمَّ يجوز أن يكون هذان الحالان مترادفان، ويجوز أن يكونا متداخلين.
قوله:(شَبَّهتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلَابِ؟!) قال شيخنا: قال ابن مالك: في هذا الحديث جواز تعدي المشبَّه بالباء. وأنكره بعض النَّحويين حتَّى بالغ فخطَّأ سيبويه في قوله: شبَّه كذا بكذا، وزعم: إنَّه لا يوجد في كلام من يُوثق بعربيته، وقد وجد في كلام من هو فوق ذلك، وهي عائشة رضي الله عنها، والحقُّ: إنَّه جائز وإن كان سقوطُها أَشهَرُ في كلام المتقدِّمين، وثبوتها لازم في عُرف العلماء المتأخِّرين. انتهى.
قلت: هذا الذي نقله شيخنا عن ابن مالك ذكره في كتاب «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح» المشهور تعدِّيه شَبَّه إلى مشبَّه ومشبَّه به دون باء؛ لقول امرئ القيس:
فشبَّهتهم في الآل لما تكمَّشوا... حدائقَ دوم أو سفينًا مقيرًا
ويجوز أن يعدَّى بالباء فيقال: شبَّهت كذا بكذا، ثمَّ ذكر له تتمَّة. انتهى.
وفي رواية للبخاري:(لَقَدْ جَعَلْتُمُوْنَا كِلَابًا) وهي في باب استقبال الرجل الرجل وهو يصلِّي، وفي رواية مسلم قالت:((عدلتُمونا بالكلابِ والحمر؟!))، وفي رواية أخرى له:((قد شبَّهتُمونا بالحمرِ والكلابِ!)) ورواية الطَّحاوي: ((لقدْ عدلتُمونا بالكلابِ والحميرِ!))، وقد