للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجمع في موضع واحد والإخبار كذلك، وفيه: العنعنة في ثلاث مواضع، وفيه: القول في موضعين.

قوله: (أَنَّهَا قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: ((إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ))).

مطابقته للترجمة ظاهرة لأن الترجمة هي بعينها. قوله - عليه السلام -: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ).

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في التفسير عن قتيبة، وفي السهو عن إسماعيل. وأخرجه أبو داود في الصلاة عن القَعْنَبِي عن مالك به.

قوله: (فِي بَيْتِهِ) أي في المشرَبة التي في حجرة عائشة، كما بينه أبو سفيان عن جابر، وهو دالٌّ على أن تلك الصلاة لم تكن في المسجد، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - عجز عن الصلاة بالناس في المسجد، وكان يصلي في بيته بمن حضَر، لكنه لم يُنقل أنه استخلف، ومن ثَمَّةَ قال عياض: إنَّ الظاهر أنه صلى في حجرة عائشة وائتَمَّ به من حضر عنده ومن كان في المسجد. وهذا الذي قاله يحتمِل، ويحتمِل أيضاً أن يكون استخلف، وإن لم يُنقَل. ويلزم على الأولِ صلاةُ الإمام أعلى من المأمومين، ومذهب عياض خلافه. لكن له أن يقول: محل المنع ما إذا لم يكن مع الإمامِ في مكانه العالي أحدٌ، وهنا كان معه بعضُ الصحابة.

قوله: (وَهُوَ شَاكٍ) بتخفيف الكاف وأصله: شاكِيٌ، نحوُ: قاضٍ أصله قاضِيٌ، استُثْقِلَت الضمة على الياء فحُذِفَت، وهو من الشِّكاية وهي المرض، والمعنى هنا: شاكٍ عن مِزاجِه لانحرافِه عن الصحة. وقال ابن الأثير: الشَّكْوُ والشَّكْوى والشِّكاة والشِّكايةُ: المرض. وكأنَّ سببَ ذلك ما في (١) حديثِ أنسٍ المذكور بعده: أنه سَقَطَ عن فرس.

قوله: (فَصَلَّى جَالِسًا) أي حالَ كونه جالساً. وقال عياض: يحتمل أن يكون أصابه من السقطة رَضٌّ في الأعضاء مَنَعَهُ مِنَ القيام. ورُدَّ هذا بأنه ليس كذلك، وإنما كانت قدمه مُنفكَّةً، كما في رواية بشر بن المفضل عن حميد عن أنس عند الإسماعيلي، وكذا لأبي داود وابن خزيمة من رواية أبي سفيان عن جابرٍ قال: ركب رسول لله صلى الله عليه وسلم فرساً بالمدينة فصرعَه على جذم نخلة فانفكت قدمُه، فأتيناه نعودُه فوجدناه في مشرَبة لعائشة... الحديثُ، وفي رواية يزيد بن حميد: جُحِشَ ساقُه أو كتفُه. وفي رواية الزهري عن أنس: جُحِشَ شِقُّه الأيمن. وأما قوله في رواية الزهري عن أنس: فجُحِشَ ساقُه أو كتفُه، كما تقدم في باب الصلاة على السطوح فلا ينافي ذلك كونَ قدمِه انفكت، لاحتمال وقوع الأمرين.

وقد تقدم تفسير الجَحْش بأنه الخَدش، والخَدش قَشْرُ الجلد، ووقع عند المصنف في باب يَهوِي بالتكبير من رواية سفيان عن الزهري: شِقُّه الأيمن، فلما خرجنا. قال ابن جريج: ساقُه الأيمن. ورواية ابن جريج (٢) أخرجها عبد الرزاق عنه وليست مصحَّفَةً كما زعم بعضُهم


(١) كلمة: ((في)) ساقطة من (الأصل) والسياق يحتاجها.
(٢) جملة: ((ساقُه الأيمن. ورواية ابن جريج)) ساقطة من (الأصل) والاستدراك من فتح الباري.

<<  <   >  >>