للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجاج، ترجمته في باب يتلو باب أمور الإيمان.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ) أي بفتح التاء المثناة من فوقٍ وتشديدِ الياءِ آخر الحروف وبعد الألف حاء مهملة، واسمُه يزيد بن حميد الضبعي، مَرَّ في باب رفع العلم. قاله العيني. قلتُ: لكن ترجمته في باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة قبل الباب المحال عليه. انتهى.

قوله: (عَنْ أَنَسِ) أي ابْنِ مَالِكٍ، ترجمته في باب من الإيمان أن يحب.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في أربع مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في أربع مواضع. وفيه: أن رواته ما بين بصري وواسطيٍّ وهو شعبة (١).

قوله: (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ))).

مطابقته للترجمة من حيث إنه عليه السلام أَمَر بالسمع والطاعة للعبد إذا استُعمل ولو كان حبشياً، فإذا أَمَر بطاعته فقد أمر بالصلاة خلفه، أو إن المستعمِل هو فوض إليه العمل، يعني: جُعِل أميراً ووالياً، والسُّنة أن يتقدم في الصلاة الوالي.

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في الصلاة عن محمد بن أَبَان عن غُندَر، وفي الأحكام عن مُسَدَّد عن يحيى. وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن بُندار وأبي بكر بن خلف، كلاهما عن يحيى به.

قوله: (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) أي فيما فيه طاعة لله عز وجلَّ.

قوله: (وَإِنِ اسْتُعْمِلَ) أي جُعِل عاملاً، وللمصنف في الأحكام عن مسدد عن يحيى: (وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ)، وهو أصرح في مقصود الترجمة، وذَكَره بعد باب من طريق غُندَر عن شعبة بلفظ: (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ: اسْمَعْ وَأَطِعْ...) الحديثُ. وقد أخرجه مسلم من طريق غُندَر أيضاً لكن بإسنادٍ له آخر عن شعبة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني أن: ((اِسْمَعْ وَأَطِعْ وإن كان عبداً حبشيَّاً مُجَدَّعَ الأطراف))، وأخرجه الحاكم والبيهقي من هذا الوجه، وفيه قصةُ: أن أبا ذرٍّ انتهى إلى الرَّبَذَة وقد أقيمت الصلاة فإذا عبدٌ يؤمهم، قال: فقيل هذا أبو ذر، فذهب يتأخرُ، فقال أبو ذر: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم... فذَكَر الحديثَ، وأخرج مسلم أيضاً من طريق غُندَر أيضاً عن شعبة عن يحيى بن الحصين سمعت جدتي تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حِجَّة الوداع يقول: ((ولو استُعمل عليكم عبدٌ يقودُكم بكتاب الله)). وفي هذه الرواية فائدتان: تعيين جهة الطاعة، وتاريخُ الحديث، وأنه كان في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: (كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) قيل: شَبَّهَهُ بذلك لصِغَر رأسِه وذلك معروفٌ في الحبشة، وقيل: لسواده، وقيل: لقصر شعرِ رأسه وتفلُّقِه (٢)، وقيل: يريد قصر (٣) شعرها واجتماعَ بعضه وتفرقَه حتى يصير كالزبيب. وقال الكِرماني: كأن رأسه زبيبةٌ أي حبةٌ من العنب سوداء، وهذا تمثيلٌ في الحقارة وسَماجة الصورةِ وعَدَم الاعتداد بها.

فيه: الدَّلالة على صحة إمامة العبد، وقال ابن الجوزي: هذا في الأمراء والعمال لا الأئمة والخلفاء، فإنَّ الخلافة في قريش لا مدخل فيها لغيرهم، وقال الكِرماني: فإن قلتَ: العبدُ يكون والياً وشرطُ الولاية الحرية؟ قلتُ: بأن يوليَه بعض الأئمة أو يتغلبَ


(١) في (الأصل) : ((سبعة))، والصواب: ((شعبة)).
(٢) كلمة غير واضحة في (الأصل) : ولعلها ((تفلفله)) أو ((تفلُّقِه)).
(٣) كلمة غير واضحة في (الأصل) : ولعلها ((قصر)).

<<  <   >  >>