للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطبراني من حديث عَدي بن حاتم: مَن أمَّنا فليتم الركوع والسجود. وفي قول ابن المنير: إن الركوع والسجود لا (١) يشق إتمامهما، نظرٌ، فإنه إن أراد أقلَّ ما يَنطلِقُ عليه اسمُ تمامٍ فذاك لا بد منه، وإن أراد غاية التمام فقد يشُقُّ، فسيأتي في حديث الباب قريباً أنه صلى الله عليه وسلم كان قيامُه وركوعُه وسجودُه قريباً من السواء. انتهى. هذا الحديث قد مَرَّ في كتاب العلم في باب الغضب في الموعظة، أخرجه عن محمد بن كثير عن سفيان عن ابن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود، فانظر التفاوت بينهما في المتن، وقد ذكرنا هناك جميع ما يتعلق به من الأشياء.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا) قال شيخنا: لم أقف على تسميته، ووهِمَ من زعم أنه حزم بن أبي كعب، لأن قصته كانت مع معاذ لا مع أُبَيِّ بن كعب كما تقدم آنفاً.

قوله: (إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ) أي فلا أحضرُها مع الجماعة لأجل التطويل.

قوله: (مِمَّا يُطِيلُ) كلمةُ ما مصدريةٌ، أي مِن تطويله، وفي رواية عبد الله بن المبارك في «الأحكام» : والله لأتأخرُ. بزيادة القسم.

وفيه: جواز ذلك لأنه لم ينكِر عليه، وتقدَّم في كتاب العلم في باب الغضب في العلم بلفظ: إني لا أكاد أدرك الصلاة. وتقدم توجيهه، ويُحتمل أيضاً أن يكون المراد: أنَّ الذي ألِفَهُ من تطويله اقتضى له أن يتشاغل عن المجيء من أولِ الوقت وثوقاً بتطويله بخلاف ما إذا لم يطول، فإنه كان يحتاج إلى المبادرة إليه أولَ الوقت فكأنه يعتمد على تطويله فيتشاغلُ ببعض شُغلِه ثم يتوجه فيصادف (٢) أنه تارة يدركُه وتارة لا يدركه، فلذلك قال: لا أكاد أدركه مما يطول بنا، أي بسبب تطويله.

واستُدِلَّ به على تسمية الصبح بذلك، ووقع في رواية سفيان الآتية قريباً: (عَنِ الصَّلَاةِ فِي الفَجْرِ)، وإنما خصها بالذِّكْرِ لأنها تَطُولُ فيها القراءةُ غالباً، ولأن الانصراف منها وقتُ التوجه لمن له حرفة إليها.

قوله: (أَشَدَّ) بالنصب على الحال من النبي صلى الله عليه وسلم، ونُصِبَ (غَضَبًا) على التمييز. قال شيخنا: (أَشَدَّ) بالنصب نعتٌ لمصدر محذوفٍ أي غضبا أشد. قال العيني: هذا ليس بشيء لفساد المعنى، يذوقُه من له يد في العربية.

قوله: (يَوْمَئِذٍ) أي يوم أُخبِر بذلك. قال ابن دقيق العيد: سبب الغضب إما لمخالفة الموعظة أو للتقصير في تعلم ما ينبغي تعلمه. قال تلميذُه أبو الفتح اليعمري: فيما قاله نظر، لأنه يتوقف على تقدم الإعلام بذلك. قال: ويُحتمل أن يكون ما ظهر من الغضب لإرادة الاهتمام بما يُلقيه لأصحابه ليكونوا من سماعه على بال، لئلا يعودَ مَن فعل ذلك إلى مثلِه. انتهى. قال شيخنا: هذا أحسن في الباعث على أصل إظهار الغضب، أما كونُه أشد فلاحتمال الثاني أوجه ولا يَرِدُ عليه التعقب المذكور. انتهى. قال العيني: ويُحتمل تقدم الإعلام به بقصةِ معاذ، ولهذا لم يُذكَر في حديثه الغضبُ، ووَاجَهَهُ وحدَه بالخطاب. وهنا قال: (إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ) بصيغة الجمع، وهو من التنفير، يُقال (٣) : نفَر ينفُر نُفوراً ونِفاراً إذا فَرَّ وذهب.

قوله: (إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ) فيه تفسيرُ المرادُ للفتنة


(١) كلمة ((لا)) ساقطة من (الأصل).
(٢) في (الأصل) : ((فيصاوب))، والصواب: ((فيصادف)).
(٣) في (الأصل) : ((فقال))، والصواب: ((يقال)).

<<  <   >  >>