للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بشير عن يحيى به مختصراً.

قوله: (في حُجْرَتِه) أي: في حجرة بيته، يدل عليه ذكر جدار الحجرة، وأوضح منه رواية حماد بن زيد عن يحيى عند أبي نعيم، بلفظ: ((كان يصلي في حجرة من حجر أزواجه))، ويحتمل أن المراد بالحجرة التي كان احتجرها في المسجد بالحصير، كباقي الرواية التي بعدها وكذا حديث زيد بن ثابت الذي بعده، ولأبي داود ومحمد بن نصر من وجهين آخرين عن أبي سلمة عن عائشة أنها هي التي نصبت له الحصير على باب بيتها، فإما أن يحمل على التعدد أو على المجاز في الجدار وفي نسبة الحجرة إليها، والحجرة الموضع المنفرد من الدار.

قوله: (شَخَصَ النَّبِي صَلَّى الله عليه وسلم) الشخص سواد الإنسان وغيره يراه من بعيد، وإنما قال بلفظ الشخص، لأنه كان ذلك بالليل ولم يكونوا يبصرون منه إلا سواده.

قوله: (فَقَامَ نَاسٌ)، وفي رواية الكُشْمِيهَنِي: ((فقام أناس)) بزيادة همزة في أوله.

قوله (بِصَلاتِه) أي: متلبسين بصلاته أو مقتدين بها.

قوله: (فَأَصْبَحُوا) أي: دخلوا في الصباح، وهي تامة.

قوله: (فَقَامَ لَيْلَة الثَّانيَة) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الأصيلي: ((فقام الليلة الثانية) وجه الرواية الأولى أن فيه حذفاً تقديره: ليلة الغداة الثانية، وقال الكَرْمَانِي: الليلة مضافة إلى الثانية من باب إضافة الموصوف إلى صفته.

قوله: (ذَلِكَ) أي: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: (إذَا كَانَ) أي: الوقت أو الزمان.

قوله: (فَلَمْ يَخْرُج)، أي: إلى الموضع المعهود الذي كان صلى فيه تلك الليالي، فلم يروا شخصه.

قوله: (فَلَمَّا أصْبَح ذَكَر ذَلكَ النَّاس) أي: للنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر عبد الرزاق أن الذي خاطبه بذلك عمر، رضي الله عنه، أخرجه عن معمر عن الزهري عن عروة عنها.

قوله: (أنْ تُكْتَب)، أي: تفرض، وقال الخطابي: قد يقال عليه: كيف يجوز أن تكتب علينا صلاة وقد أكمل الله الفرائض، ورد عدد الخمسين منها إلى الخمس؟ فقيل: إن صلاة الليل كانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله التي تفضل بالشريعة واجب على الأمة الائتساء به فيها، وكان أصحابه إذا رأوه يواظب على فعل يقتدون به، ويرونه واجباً، فترك النبي صلى الله عليه وسلم الخروج إليهم في الليلة الرابعة، وترك الصلاة فيها لئلا يدخل ذلك الفعل في الواجبات المكتوبة عليهم من طريق الأمر بالاقتداء به، فالزيادة إنما تجب عليهم من جهة وجوب الاقتداء بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا من جهة إنشاء فرض يستأنف زائداً على الخمس، وهذا كما يوجب الرجل على نفسه صلاة نذر.

ولا يدل ذلك على زيادة في الشرع المفروض في الأصل، وفيه وجه آخر، وهو أن الله تعالى فرض الصلاة أولاً خمسين، ثم حط بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم معظمها تخفيفاً عن أمته، فإذا عادت الأمة فيما استوهبت وتبرعت بالعمل به لم يستنكر أن يكتب فرضاً عليهم،

وقد ذكر الله تعالى عن النصارى أنهم ابتدعوا رهبانية ما كتبها الله عليهم، ثم لما قصروا فيها لحقتهم الملامة في قول الله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧]. فأشفق صلى الله عليه وسلم أن يكون سبيلهم سبيل أولئك، فقطع العمل به تخفيفا عن أمته.

فيه: ما قاله المهلب جواز الائتمام بمن لم ينو أن يكون إماماً في تلك الصلاة، لأنَّ الناس ائتموا به صلى الله عليه وسلم من وراء الحائط، ولم يعقد النية معهم على الإمامة، وهو قول مالك والشافعي قال العيني: هو مذهب أبي حنيفة أيضاً إلا أنَّ أصحابنا قالوا:

<<  <   >  >>