للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثابت، فقال فيها: ((صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة))، وإسنادها صحيح، فعلى هذا: لو صلى نافلة في مسجد المدينة كانت بألف صلاة على القول بدخول النوافل في عموم الحديث، وإذا صلاها في بيته كانت أفضل من ألف صلاة، وهكذا حكم مسجد مكة وبيت المقدس إلا أن التضعيف بمكة يحصل في جميع مكة، بل صحح النووي: أن التضعيف يحصل في جميع الحرم، واستثنى من عموم الحديث عدة من النوافل، ففعلها في غير البيت أفضل، وهي: ما تشرع فيها الجماعة: كالعيدين والاستسقاء والكسوف.

وقالت الشافعية: وكذلك تحية المسجد وركعتا الطواف وركعتا الإحرام إن كان عند الميقات مسجد كذي الحليفة، وكذلك التنفل في يوم الجمعة قبل الزوال وبعده. وفيه: حجة على من استحب النوافل في المسجد ليلية كانت أو نهارية حكاه القاضي عياض والنووي عن جماعة من السلف، وعلى من استحب نوافل النهار في المسجد دون نوافل الليل، وحكى ذلك عن سفيان الثوري ومالك.

وفيه: ما يدل على أصل التراويح، لأنه صلى الله عليه وسلم، صلاها في رمضان بعض الليالي ثم تركها خشية أن تكتب علينا، ثم اختلف العلماء في كونها سنة أو تطوعا مبتدأ، وقال الإمام حميد الدين الضرير: نفس التراويح سنة، أما أداؤها بالجماعة فمستحب، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن التراويح سنة لا يجوز تركها. وقال الشهيد: هو الصحيح.

وفي «جوامع الفقه» : التراويح سنة مؤكدة، والجماعة فيها واجبة، وفي «الروضة» للحنفية: أن الجماعة فضيلة. وفي «الذخيرة» للحنفية أيضاً عن أكثر المشايخ: إن إقامتها بالجماعة سنة على الكفاية، ومن صلى في البيت فقد ترك فضيلة المسجد.

وفي «المبسوط» : لو صلى إنسان في بيته لا يأثم، فعلها ابن عمر وسالم والقاسم ونافع وإبراهيم، ثم إنها عشرون ركعة. وبه قال الشافعي وأحمد، ونقله القاضي عن جمهور العلماء، وحكي بأن الأسود بن يزيد كان يقوم بأربعين ركعة، ويوتر بسبع، وعند مالك: تسع ترويحات بست وثلاثين ركعة غير الوتر، واحتج على ذلك بعمل أهل المدينة، واحتج الحنفية والشافعية والحنابلة بما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد الصحابي، قال: ((كانوا يقومون على عهد عمر، رضي الله تعالى عنه، بعشرين ركعة، وعلى عهد عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما، مثله)).

فإن قلت: قال في «الموطأ» : عن يزيد بن رومان قال: كان الناس في زمن عمر، رضي الله تعالى عنه، يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة؟ قال البيهقي: والثلاث هو الوتر، ويزيد لم يدرك عمر وفيه انقطاع.

فائدة: استثناء المكتوبة مما يصلى في البيوت هو في حق الرجال دون النساء، فإن صلاتهن في البيوت أفضل، وإن أذن لهن في حضور بعض الجماعات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: ((إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن وبيوتهن خير لهن)).

أخرى: قوله: (في بيوتكُم)، يحتمل أن يكون المراد بذلك إخراج بيوت الله تعالى، وهي المساجد، فيدخل فيه بيت المصلى وبيت غيره، كمن يريد أن يزور قوما في بيوتهم ونحو ذلك.

ويحتمل أن يريد بيت

<<  <   >  >>