أي ابنُ محمَّد بنِ أبي بكرٍ، ترجمتُه في باب مَن بدأ بالحِلاب أو الطِّيب في كتاب الطَّهارة.
قوله:(عَنْ عَائِشَةَ) أي الصِّدِّيقة رضي الله عنها، في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في أربع مواضعَ، وفيه العنعنةُ في موضع واحدٍ، وفيه أنَّ رواتَه ما بين بصريٍّ ومَدنيٍّ.
قوله:(بِئْسَمَا) كلمةُ بِئْسَ من أفعال الذمِّ كما أنَّ كلمة نِعْمَ من أفعال المدح، وشرطُهما: أن يكون الفاعل المظهَر فيهما معرَّفًا باللَّام، أو مضافًا إلى المعرَّف بها، أو مُضمَرًا مميَّزُه نكرةٌ منصوبةٌ، وههنا يجوز الوجهان، الأول: أن تكون (مَا) بمعنى الذي وتكون فاعلًا لبئس، والجملة - أعني قوله: عدلتُمونا - صِلةٌ له، ويكون المخصوص بالذمِّ محذوفًا، والتقديرُ: بئسَ الذي عدلتُمونا بالحمار ذلك الفعل، والوجه الثاني: أن يكون فاعل بِئْسَ مُضمَرًا مُميَّزًا، وتكون الجملةُ بعدَه صفةً له والمخصوص أيضًا محذوفًا، والتقدير: بئس شيئًا ما عدلتُمونا بالحمار شيءٌ، وفي الوجهين المخصوصُ بالذمِّ مبتدأ وخبرُه الجملة الَّتي قبلَه.
ومعنى (عَدَلتُمُوْنَا) : جعلتُمونا مثلَه، قال شيخُنا:(عَدَلْتُمُوْنَا) بتخفيف الدّال، و (مَا) نكرةٌ مُفسّرة لفاعل (بئس) والمخصوص بالذَّم محذوف تقديره: عدلُكم، أي تسويَتُكم إيَّانا بما ذكر.
وقد تقدَّم الكلامُ على مباحث الحديث في باب التَّطوُّع خلفَ المرأة، وقال العَيني: وقد مرَّ الكلامُ عليه مُستوفىً في باب الصَّلاة على الفراش، ثمَّ قال: قولُها: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي) بضمِّ التَّاء، وكونُ الفاعل والمفعول ضميرين لشيء واحدٍ من خصائص أفعال القلوب، وفي التقدير: لقد رأيتُ نفسي. وقال الكِرْماني: إن كان الرؤيةُ بمعناها الأصليِّ فلا يجوز حذفُ أحد مفعولَيه، وإن كانت بمعنى الإبصار فلا يجوز اتحادُ الضميرين، ثمَّ أجاب بقول الزمخشريِّ؛ فإنَّه قال في قوله تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا}[آل عمران: ١٦٩] جازُ حذفُ أحدِهما؛ لأنَّه مبتدأٌ في الأصل فيحذفُ كالمبتدأ، ثمَّ قال الكِرْماني: هذا مخالفٌ لقوله في «المفصَّل» : وفي سائر مواضع «الكَشَّاف» : لا يجوزُ الاقتصارُ على أحد مفعولَي الِحسبان، ثمَّ أجاب عنه بأنه رويَ عنه أيضًا: إنَّه إذا كان الفاعل والمفعولُ عبارةً عن شيءٍ واحد جازَ الحذفُ، وأمكن الجمعُ بينهما بأنَّ القولَ بجواز الحذف فيما إذا اتحدَ الفاعلُ والمفعولُ معنىً، والقولَ بعدمِه فيما إذا كان بينهما الاختلاف، والحديثُ هو من القسم الأوَّل؛ إذ تقديرُه: رأيتُ نفسي مُعترضَةً؛ إذ أُعطي للرؤية الَّتي بمعنى الإبصار حُكمَ الرؤية الَّتي من أفعال القلوب.
قولُها:(وَرُسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يُصَلِّي) جملةٌ اسميّةٌ وقعت حالًا على الأصل، أعني بالواو، وكذلك قولُها:(وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ).
قولُها:(غَمَزَ رِجلَيَّ) قال الجوهريُّ: غمزتُ الشَّيءَ بيدي، وقال الشاعر:
وكنتُ إذا غَمَزْتُ قَناةَ قَومٍ... كَسَرْتُ كُعوبَها أو تَستَقيما
وغمزتُه بعيني، قال تعالى:{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ}[المطففين: ٣٠] والمراد هنا الغَمزُ باليد، وفي رواية للبخاريِّ:((فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ بِرِجْلَيَّ، وإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا))، وفي رواية الطَّحاوي:((فإذا سجدَ غَمَزَني فرفعتُهما فقبضتُهما، فإذا قامَ مددْتُهما))، وفي روايةٍ:((غَمَزَها برِجله فقال: تَنَحَّي)) وفي رواية لأبي داودَ: ((فإذا أرادَ أنْ يسجدَ ضربَ رِجليَّ فقبضتُهما فسجد))، وفي رواية له: ((فإذا أرادَ أنْ يسجدَ