قوله:(وبَينَ يَدَيهِ عَنَزَةٌ) جملة وقعت حالًا، والعَنَزَة تقدَّم ضبطها وتفسيرها في الطهارة في حديث أَنَس وفي رواية أبي العُمَيس:((جَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ ثمَّ خَرَجَ بِالعَنَزَةِ حتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ)).
وأوَّل رواية عُمَر بن أبي زائدة عن عَوْن عن أبيه:((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم، وَرَأَيْتُ النَّاس يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ)). وفيها أيضًا ((وخَرَجَ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، مُشَمِّرًا))، وفي رواية مالك بن مغول عن عون:((كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ))، وبيَّن فيها أيضًا أنَّ الوضوء الذي ابتدره النَّاس كان فضل الماء الذي توضَّأ به النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وكذا هو في رواية شُعْبَة عن الحكم، وفي رواية شُعْبَة من طريق الثَّوْري عن عَوْن ما يشعر بأنَّ ذلك كان بعد خروجه من مكَّة؛ لقوله: ثمَّ لم يزل يصلِّي ركعتين حتَّى رجع إلى المدينة.
قوله:(الظُّهْرَ) منصوب لأنَّه مفعول (صَلَّى).
قوله:(رَكْعَتَيْنِ) نصب إما على أنَّه حال، وإما على أنَّه بدل من الظُّهر، وكذلك الكلام في قوله:(والعَصْرَ).
قوله:(تَمُرُّ بَينَ يَدِيْهِ المَرْأَةُ والحِمَارُ) جملة وقعت حالًا، والجملة الفعليَّة إذا وقعت حالًا وكان فعلها مضارعًا يجوز فيها الواو وتركها.
قال شيخنا:(تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيهِ) أي بين العَنَزَة والقبلة لا بينه وبين العَنَزَة، ففي رواية عُمَر بن أبي زائدة في باب الصَّلاة في الثَّوب الأحمر:((وَرَأَيْتُ النَّاس وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنِ يَدَيِ العَنَزَةِ)). انتهى.
فيه: جعل السترة بين يديه إذا كان في الصحراء. وفيه: أنَّ مرور المرأة والحمار لا يقطع الصَّلاة، وهو قول عامَّة العلماء.
وروي عن أَنَس ومَكْحول وأبي الأَحْوَص والحسن وعِكْرِمَة:«يَقْطَعُ الكَلْبُ وَالحِمَارُ والخِنْزِيْرُ وَالمَرْأَةُ وَاليَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالمَجُوسِيُّ». وعن عطاء: لا يَقطَعُ إلَّا الكَلْبُ الأسودُ والمرأةُ الحائضُ. وعن أحمد في المشهور عنه: يقطع الصَّلاة مرور الكلب الأسود البهيم. وفي رواية: يقطعها أيضًا الحمار والمرأة أيضًا والبهيم الذي لا يخالط لونه لون آخر. وفي «جامع» شمس الأئمَّة: تَفسُدُ الصَّلاة بمرورِ المرأةِ بَينَ يَدَيهِ. وفي «الكافي» عند أهل العراق: تَفسُدُ بمرور الكلبِ والمرأةِ والحمارِ. والحديث المذكور حُجَّة على من يقول يقطع الصَّلاة بمرور المرأة والحمار، والحُجَّة على من يرى بقطع الصَّلاة بالأشياء المذكورة من هؤلاء المذكورين ما رواه أبو