للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما يتعلق بالفصول الأربعة واستخدامها لتنظيم الاكتساب والمهنة والدراسة والعمل دون ربط ذلك بالسنين فليس من التأريخ مثل أن يقال يبدأ العام الدراسي كل عام ببرج الميزان أو يبدأ موعد الحصاد في برج الحمل كل عام فهذا من الاستفادة العامة للمواسم ولا صلة له ببحث التأريخ الهجري أو الميلادي (١).

الحالة الثالثة: حكم استخدام التأريخ الميلادي فقط:

بناء على ما تقدم يتضح لنا أن التأريخ الميلادي مرتبط بالدين النصراني وحضاراته وهذا واضح في أسماء الأشهر في التأريخ الميلادي فغالبها إما وثنية مرتبطة ببعض آلهة النصارى المزعومة أو بأسماء القياصرة وكبار الرهبان (٢).

ولذا فإن وضع التقويم الشمسي المتمثل بالتأريخ الميلادي شعار للبلد والاعتداد به في احتساب المواقيت والأحوال هو تشبه صريح بالنصارى وجاءت النصوص الشرعية التي تحرم ذلك، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" (٣).

ويتضمن الحديث التشبه بسمات الكفار وعاداتهم وتقاليدهم وأزيائهم وكل ما هو من خصائصهم ولا شك أن اعتبار الأصل هو استخدام التأريخ الميلادي يدخل في سمات الكفار (٤).

وقد سئل الشيخ صالح الفوزان عن:

هل التأريخ بالتاريخ الميلادي يُعتبَرُ من موالاة النصارى؟

فأجاب لا يُعتبَرُ موالاة، لكن يعتبر تشبُّهًا بهم.

والصَّحابة رضي الله عنهم كان التاريخ الميلادي موجودًا، ولم يستعملوه، بل عدلوا عنه إلى التاريخ الهجريِّ، وضعوا التاريخ الهجريَّ، ولم يستعملوا التاريخ الميلادي، مع أنه كان موجودًا في عهدهم، هذا دليل على أنَّ المسلمين يجب أن يستقلُّوا عن عادات الكفَّار وتقاليد الكفَّار، لا سيَّما وأنَّ التَّاريخ الميلاديَّ رمز على دينهم؛ لأنه يرمز إلى تعظيم ميلاد المسيح والاحتفال به على رأس السَّنة، وهذه بدعة ابتدعها النصارى؛ فنحن لا نشاركهم ولا نشجِّعهم على هذا الشيء، وإذا أرَّخنا بتاريخهم؛ فمعناه أنَّنا نتشبَّه بهم، وعندنا ولله الحمد التاريخ الهجريُّ، الذي وضعه لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الرَّاشد بحضرة المهاجرين والأنصار، هذا يغنينا (٥).


(١) (التأريخ الهجري ص ٦٧).
(٢) (التأريخ الهجري ص ٣٤).
(٣) رواه أحمد ٢/ ٥٠، ٢/ ٩٢ وباسناد فيه مقال، ورواه أبو داود، كتاب اللباس باب في لبس الشهرة برقم ٤٠٣١ وصححه الألباني.
(٤) كلام الشيخ صالح الفوزان موجود في كتاب المنتقى من فتاوى الفوزان برقم (١٥٣).
(٥) اعتبار المآلات ومراعاة نتائج التصرفات ص ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>