[تحرير المرأة في عصر الرسالة]
لعبد الحليم محمد أبي شقة
(عرض ونقد)
٢ ربيع الأول ١٤٣٢هـ
كتاب (تحرير المرأة في عصر الرسالة) لعبد الحليم محمد أبي شقة، من أبرز كتابات المدرسة العصرانية، وقد طبع هذا الكتاب منذ أكثر من عشرين سنة، وانتشر في كثير من بلدان العالم، وأصبح مرجعًا لعدد كبير من العصرانيين، واعتمد في بعض جامعات الدول العربية.
قدَّم لهذا الكتاب وأثنى عليه اثنان من أعلام العصر الحاضر؛ هما الشيخ محمد الغزالي، والشيخ يوسف القرضاوي -غفر الله لهما- وهذا التقديم زاد من شهرة الكتاب وانتشاره.
كما أقيم لهذا الكتاب وللفكر الذي يطرحه احتفالية كبيرة في مصر، بعد وفاة المؤلف، شارك فيها بعض المفكرين الذين أثنوا على الكتاب ومنهجه في طرح قضايا المرأة. ومما قد يلبس على بعض الناس أن المؤلف حشد في كتابه ما استطاع من نصوص القرآن الكريم وصحيحي البخاري ومسلم مما يتعلق بالمرأة، وقام بتصنيفها وعنونتها والتعليق على بعضها. لذا أحببنا إلقاء الضوء على هذا الكتاب وبيان خطورته وما عليه من مآخذ:
أولًا العرض:
يتكون كتاب تحرير المرأة من ستة أجزاء، اشتمل كل جزء منها على العديد من الفصول وها هو تفصيلها:
الجزء الأول معالم شخصية المرأة المسلمة
وهذا الجزء تناوله المؤلف من خلال ثمان فصول وهي:
- شخصية المرأة في القرآن الكريم
الفصل الأول: بعض معالم شخصية المرأة في القرآن الكريم
الفصل الثاني: مواقف طيبة للمرأة في القرآن الكريم.
شخصيات نسائية في القرآن الكريم.
الفصل الثالث: بعض معالم شخصية المرأة في صحيحي البخاري ومسلم.
الفصل الرابع: مواقف نسائية كريمة.
الفصل الخامس: نماذج من قوة شخصية المرأة المسلمة وحسن إدراكها لحقوقها وواجباتها.
الفصل السادس: شخصيات نسائية.
الفصل السابع: أحاديث صحيحة عن شخصية المرأة أساء البعض فهمها وتطبيقها.
الفصل الثامن: تعقيبات على معالم شخصية المرأة المسلمة.
الجزء الثاني: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية
وهذا الجزء تناوله المؤلف من خلال ثمانية فصول وهي:
الفصل الأول: دواعي مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية في عصر الرسالة.
الفصل الثاني: آداب اشتراك المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقائها الرجال.
الفصل الثالث: مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية في عهود الأنبياء عليهم السلام.
الفصل الرابع: لقاء نساء النبي صلى الله عليه وسلم الرجال في مجالات الحياة قبل فرض الحجاب.
الفصل الخامس: وقائع مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية في عصر الرسالة.
الفصل السادس: مشاركة المرأة المسلمة في العمل المهني والمعالم الشرعية للمشاركة.
الفصل السابع: مشاركة المرأة المسلمة في النشاط الاجتماعي والمعالم الشرعية للمشاركة.
الفصل الثامن: مشاركة المرأة المسلمة في النشاط السياسي والمعالم الشرعية للمشاركة.
الجزء الثالث: حوارات مع المعارضين لمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية
وهذا الجزء تناوله المؤلف من خلال ثلاثة فصول وهي:
الفصل الأول اشتمل على:
أولاً: حوار حول اعتراضات على أدلة مشروعية المشاركة واللقاء.
ثانياً: حوار حول أدلة تساق لحظر المشاركة واللقاء.
ثالثاً: حوار حول بعض أقوال للمعارضين.
الفصل الثاني: حوار حول الحجاب الوارد في قوله تعالى: {فاسألوهن من وراء حجاب} وإثبات خصوصيته بنساء النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثالث: حوار حول الغلو في تطبيق قاعدة سد الذريعة
الجزء الرابع: لباس المرأة المسلمة وزينتها عند لقائها الرجال الأجانب
وهذا الجزء تناوله المؤلف من خلال أحد عشر فصلًا وهي:
الفصل الأول: مقدمات
الفصل الثاني: الشرط الأول في لباس المرأة.
- معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم.
الفصل الثالث: سفور وجه المرأة كان هو الغالب في مجتمع المسلمين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الرابع: قرائن إضافية على مشروعية سفور وجه المرأة.
الفصل الخامس: اتفاق الفقهاء المتقدمين على مشروعية سفور وجه المرأة.
الفصل السادس: النقاب بين الجاهلية والإسلام.
الفصل السابع: وجوب كشف المرأة وجهها في الإحرام.
الفصل الثامن: الشرط الثاني في لباس المرأة وزينتها: التزام الاعتدال في زينة الوجه والكفين والقديم والثياب.
الفصل التاسع: واشتمل على ذكر ثلاثة شروط أخرى في لباس المرأة وهي:
الشرط الثالث: أن يكون لباس المرأة وزينتها مما تعارف عليه مجتمع المسلمين.
الشرط الرابع: أن يكون لباس المرأة مخالفًا في مجموعه للباس الرجال.
الشرط الخامس: أن تكون ثياب المرأة وزينتها مخالفة في مجموعها لما تتميز به الكافرات.
الفصل العاشر: حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه.
الفصل الحادي عشر: حوار مع المعارضين القائلين بندب ستر الوجه.
الجزء الخامس: مكانة المرأة المسلمة في الأسرة
وهذا الجزء تناوله المؤلف من خلال تسعة فصول وهي:
الفصل الأول: الزواج في شريعة الإسلام.
الفصل الثاني: الخطبة
الفصل الثالث: المهر
الفصل الرابع: عقد النكاح
الفصل الخامس: الحقوق المتماثلة للزوجين:
أولًا: الحق الأساسي الشامل: حق الرعاية
الفصل السادس: الحقوق المتماثلة للزوجين
ثانيًا: الحقوق الجزئية.
الفصل السابع: الخلاف بين الزوجين ومعالجته
الفصل الثامن: حق المفارقة لكل من الزوجين.
الفصل التاسع: تعدد الزوجات
الجزء السادس: الثقافة الجنسية بين الزوجين
وهذا الجزء تناوله المؤلف من خلال ثمان فصول وهي:
الفصل الأول: مقدمات
الفصل الثاني: الثقافة الجنسية والحياء
الفصل الثالث: تقرير الشريعة قوة الشهوة الجنسية
الفصل الرابع: تيسير الشريعة مجالات ممارسة المتعة الجنسية
الفصل الخامس: الآداب الواجبة المتعلقة بالمتعة الجنسية
الفصل السادس: الشريعة وفنون الاستمتاع
الفصل السابع: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج والاستمتاع
الفصل الثامن: نماذج من أقوال الفقهاء في الثقافة الجنسية.
ثانيًا النقد:
حاول المؤلف إثبات بعض القضايا المصادمة لتعاليم الإسلام من خلال كتابه هذا، ومنها:
١ - مشروعية الاختلاط بين الرجال والنساء. فقد ذهب المؤلف إلى مشروعية الاختلاط بين الرجال والنساء، وأنه الأصل، وأن أدلة السنة المتكاثرة قد دلت عليه، وقد سماه الاختلاط المشروع.
٢ - أن الأصل هو كشف الوجه، وأما النقاب فهو عادة من عادات التجمل قبل الإسلام. لذا فهو يروج لكشف الوجه ويجعل النقاب فيه تضييق على المرأة فيقول عنه أنه (تضييق على ما منحها الله من قوة الإبصار وتضييق حريتها في تنفس الهواء).
٣ - جواز تزيين المرأة في وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب. فيقول: (على المرأة المسلمة أن تلتزم بقدر من الزينة الظاهرة طول حياتها، سواء جلست في بيتها أو خرجت للمشاركة في الحياة الاجتماعية) ويقول: (أما أنواع الطيب والأصباغ كالصفرة والخلوق والزعفران والخمرة، فلابد من مضي بعض الوقت لتزول، خاصة وأنها من طيب النساء الذي من خواصه ظهور لونه وخفاء ريحه. وهذا يعني أن المرأة إذا تزينت بمثل تلك الزينة وهي في بيتها بين زوجها وأولادها ومحارمها، ثم دخل على الأسرة رجال من غير المحارم أو خرجت المرأة لقضاء مصلحة لها، فلابد أن يرى الرجال ما ظهر من زينتها التي تزينت بها وهي في بيتها. وسبحان ربنا الرءوف الرحيم، فإنه لم يحرج مثل تلك المرأة، ولم يفرض عليها الامتناع عن لقاء الرجال أو إزالة تلك الزينة، بل استثناها سبحانه مما يجب أن تخفيه من زينتها وقال: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١])
٤ - أن القرار في البيت والحجاب، من خصوصيات أمهات المؤمنين.
٦ - تساوي المرأة مع الرجل في ميادين العمل، وإلغاء خصوصية كلٍّ منهما بعملٍ يختلف عن الآخر.
منهجه في التعامل مع النصوص:
١ - اتباع المؤلف للمتشابه وتركه للمحكم من النصوص، فعلى سبيل المثال قام المؤلف بسرد الأدلة في موضوع غض البصر، ووقف مع بعض هذه الأدلة ليقرر أن النظر إلى النساء ليس كله حرام، إلا إذا اقترن بشهوة ولم يجب عن الأدلة الصريحة في المنع من نظر الرجال إلى النساء.
٢ - اختلال الأمانة العلمية عند المؤلف. ومنها على سبيل المثال بتر المؤلف للأحاديث النبوية كما في حديث إهداء أم سليم للنبي صلى الله عليه وسلم وحديث حديث دخول الرجال على أسماء بنت عميس.
وبتره لكلام العلماء كما في كلام ابن حجر في تثبت المرأة من الفتوى، ونسبته لابن أبي شيبة ما لم يقله إلى غير ذلك.
٣ - تحميل النص ما لا يحتمل والتكلف في الاستدلال. ومنها على سبيل المثال استدلال المؤلف على مشاركة المرأة في العهد النبوي في الاحتفالات العامة المختلطة: بحديث أنسٍ رضي الله عنه، قال: رأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النساء والصِّبيان مقبلين من عرسٍ فقام النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ممثلاً فقال: ((اللَّهمَّ أنتم من أحبِّ النَّاس إليَّ)). قالها ثلاث مرارٍ. فأين وجه الاستدلال من هذا الحديث؟ لم يذكره المؤلف.
ومنها استدلاله بحديث ابن عباس قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر. فيستدل به على (أن تعود رؤية الجنس الآخر في مناسبات جادة، وفي جو عائلي رصين يسوده الاحتشام، مما يبعد الخجل الْمَرَضي عن التقي والإنسان العاقل السوي، ويخفف من حدة الشره الجنسي عند الشقي والإنسان الضعيف صاحب القلب المريض).
٤ - تحريفه لمعاني أحاديث المرأة. كما في حديث أن أكثر أهل النار من النساء وحديث نقصان عقل المرأة وغير ذلك.
٥ - وقوعه في التناقض:
أ- فهو يسخر من ستر الوجه، ومع ذلك يقر بوقوع ستر الوجه بالنقاب من بعض المؤمنات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ب- دعواه بأنه سيعتمد على نصوص الصحيحين فقط، وأنه سيؤيد كلامه بالدليل، ثم تجده عند اختياره جواز أن تلبس المرأة ما يصف حجم بعض أعضائها يقول: (إن عامة الصالحات من نساء الأتراك في عصرنا يبدو شيء من أسافل سوقهن مما يلي الكعبين، لكنه مغطى بجوارب سميكة، وذلك دون إنكار من العلماء). فأين الدليل من الكتاب والسنة على ذلك؟!
هذه بعض المؤاخذات على الكتاب، ومن أراد الاستزادة فيمكن أن يراجع نقد الشيخ سليمان الخراشي للكتاب وهو في رسالة صغيرة، وكذلك كتاب (تحرير المرأة عند العصرانيين كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة أنموذجاً) للدكتور عادل بن حسن الحمد، وهو من إصدارات مؤسسة الدرر السنية للنشر، ويطبع لأول مرة.